الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ }

{ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } جميعا حال، ويضعف كونه توكيدا، ويوم منصوب بمحذوف تهويلا يقدر بعد قوله مشركين، أَى يكون كيت وكيت، أَو يباشرون من السوءِ مالا يكتنهه عقل، أَو يقدر ماضيا لتحقق الوقوع، أَو نحشرهم يوم نحشرهم جميعا، أَو نحشرهم يوم نحشر الناس جميعا، وهذا أَبغ تخويفا، أَو التقدير: لا يفلح الظالمون اليوم ويوم نحشرهم، وهو كلية، أَى لا يفلح الظالمون اليوم ولا يوم نحشرهم، ويبعد تعليقه باذكر لكثرة الفصل، أَو اذكر يوم نحشرهم لما يقع فيه من الهول والعذاب، أَو احذروا يوم نحشرهم، أَو اخشوا يوم نحشرهم، كقوله تعالى: { واخشوا يوما } [لقمان: 33]. والهاء للظالمين، أَو للناس كما مر، أَو للذين خسروا أَنفسهم، أَو لمشركى العرب، أَو للمشركين وأَصنامهم، كقوله تعالى:احشروا الذين ظلموا وأَزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله } [الصافات: 22] وإِذا كانت للمشركين فقوله عز وجل { ثُمَّ نَقُولُ } ولا ينافى هذا قوله تعالىولا يكلمهم الله } [آل عمران: 77] لأَن المراد لا يكلمهم كلام تشريف أَو نفع، فقد كلم إِبليس وهو شر منهم { لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا } وضع للظاهر موضع المضمر تنبيهاً على قبح شركهم، وأَنه موجب التوبيخ والعذاب، وثم لتراخى المعنى وعطفه، أَو لتراخى الزمان، يبقون فى غم الموقف مدة طويلة، وبعدها يقال لهم توبيخاً { أَيْنَ شُرَكاؤُكُمْ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعَمُونَ } أَنهم آلهةن أَو أَنهم شركاء لله فى العبادة، ولم أَقدر تزعمونهم شركاء لأَن الغالب والوارد فى القرآن تسليط الزعم على أَن وما بعدها، وقل مثل قوله، زعمتنى شيخا ولست بشيخ، فذلك أَولى من تقدير تزعمونهم شركاءَ، وأَضاف الشركاءَ إِليهم لأَنهم لا نصيب لهم فى الشركة سوى تسميتهم حتى جعلت غائبة، والإِضافة من الإِضافة لملابسة ما، وسئلوا عن مكانها مع أَنها حاضرة كأَنه قيل أَين شركتها التى ادعيتم ثبوتها ورجوتم نفعها حال الشدة، فإِذا لم تحضر بالشفاعة لهم فكأَنها لم تحضر بذاتها، كما تقول لمن اعتمد على أَحد فى أَمر فلم ينفعه أَين فلان؟ مع أَن فلانا حاضر، ويجوز كونها غائبة بذاتها، حيث يقال لهم: أَين شركاؤكم؟ فتحضر بعد ذلك ولا تنفعهم، أَو غابت بعد ما أَحضرت وعجزت عن النفع، فقيل: أَين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون؟ أَو يقدر مضاف، أَى أَين نفع شركائكم، والزعم يستعمل فى الحق كما يقول سيبويه فى شأْن ما هو مرضى عنده: زعم الخليل، وفى حديث ضمام بن ثعلبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: زعم رسولك، مع أَنه مصدق بما قال رسوله، والمراد فى الآية كنتم تجزمون أَنها شركاء، وذكر ابن عباس أَن كل زعم فى القرآن بمعنى الكذب وقد ذكره بعض فى شأْن الله سبحانه للعلم الجازم إِذ قال وبئس قائلا:
تقول هلكنا إِذ هلكت وإِنما   على الله أَرزاق العباد كما زعم
ولعله بناه للمفعول، لكن لا نعرف قبله بيتا أَو بعد، أَو هو بيت مفرد والقوافى يدل بعضها على بعض.