الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَٰنُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِيۤ إِيمَٰنِهَا خَيْراً قُلِ ٱنتَظِرُوۤاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ }

{ هَلْ يَنْظُرُونَ } أَى ما ينتظر أَهل مكة، فهذا من النظر الثلاثى بمعنى الانتظار الخملى، وأَهل مكة لم يعتقدوا انتظار الملائكة للعذاب وإِن اعتقدوا أَن الموت بالملائكة فليسوا فى مراقبة ذلك، ولم يعتقدوا أَيضاً إِتيان آيات الله بأوامره، ولا إِيمان لهم بيوم القيامة وما فيه، لكن لما كان يلحقهم ذلك لا محالة شبهوا بمن ينتظره واعتقده كأَنه قبل فما يستحقون إِلا نزول ذلك حين أَنزلت الكتاب فلم يؤمنوا، وقيل الواو للنبى صلى الله عليه وسلم وأَصحابه والحصر إِضافى منظور فيه إِلى الإِيمان، أَى إِنما يقع بهم أَحد هؤلاء الأَشياء لا الإِيمان، فإِنه لا يتأَتى منهم. وهل للإِنكار وهو نفى وكأَنه قيل لا ينتظرون، وأَنكر الرضى مجيئها للإِنكار وأَقرانها للتقرير والأَول المشهور وعليه الجمهور { إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُم } هذا الضمير لكفار مكة { المَلاَئِكَةُ أَوْ يَأْتِىَ رَبُّكَ أَو يَأْتِىَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ } والعاقل لا ينتظر العذاب انتظار الميل بل انتظار توقع مكروه، لكن شبهوا لإِصرارهم على موجبه بمن ينتظره والجامع الترتيب، والمراد بإِتيان الملائكة إِتيانهم لقبض أَرواحهم أَو لتعذيبهم، ومعنى إِتيان الرب إِتيان أَمره بالعذاب أَو أَمر هو عذابه، أَو إِتيان الرب إِتيان آياته كلها: آيات القيامة والعذاب والهلاك الكلى، والمراد بإِتيان بعض الآيات علاماته الدالة على الساعة، قال حذيفة والبراء بن عازب رضى الله عنهما: كنا نتذاكر الساعة إِذ أَشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ما تذاكرون قلنا نتذاكر الساعة. قال إِنها لا تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات: الدخان ودابة الأَرض وخسفا بالمشرق وخسفاً بالمغرب وخسفاً بجزيرة العرب والدجال وطلوع الشمس من مغربها ويأْجوج ومأْجوج ونزول عيسى ونار تخرج من عدن وجزيرة العرب ما أَحاط به بحر فارس وبحر السودان ونهر دجلة ونهر الفرات " قيل بعض آيات ربك الدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها، وإِتيان الأَمر والآيات مجاز استعارى لأَنه حقيقة فى الأَجسام { يَوْمَ يَأْتِى بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ } طلوع الشمس من مغربها كما فى الصحيحين عن أَبى هريرة عنه صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها " ، وهو طلوع واحد، وزعم بعض أَنها تطلع من المغرب ثلاثة أَيام، ويقال تطلع إِلى خط نصف النهار وترجع، ونحن آمنا بطلوعها ولا يعرفون ما هو ولا أَعرف أَنا ما هو فإِن المغارب والمطالع لا يحصيها إِلا الله، وتغيب فى موضع وتطلع فى موضع فإِذا غربت عنا فى بلدنا، فهى طالعة فى غير بلدنا، فلو طلعت علينا فى مغربنا لم تكن طالعة فى المشرق الأَقصى وقس على ذلك. ويقال تدور بقطب الشمال، ويقال تصل إِليه ثم ترجع ولا نفهم ذلك فإِنها حينئذ ليست يراها كل أَحد حال طلوعها أَيضاً، ولعلها تغرب فى البحر المحيط بحيث تبعد جداً حتى لا يراها من عند المحيط المغربى ولا يرى ضوءَها أَهل المشرق ولا أَهل المغرب ولا أَهل الجنوب ولا أَهل الشمال، ويطلعها الله فوق السماءَ السابعة تحت العرش فقد غابت عن الناس كلهم، بعضهم غابت عنه أَكثر من ليل ويتفاوتون فتطلع على أَهل الدنيا كلهم بمرة لارتفاع محلها فقد صارت الدنيا كلها ليلا ثم صارت كلها نهاراً ثم تكون كعادتها.

السابقالتالي
2 3 4