الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ قَتَلُوۤاْ أَوْلَٰدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ ٱفْتِرَآءً عَلَى ٱللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ جَنَّٰتٍ مَّعْرُوشَٰتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَٰتٍ وَٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَٰبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { وَمِنَ ٱلأَنْعَٰمِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيْطَٰنِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { ثَمَٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍ مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْمَعْزِ ٱثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ }

{ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا } بالدفن { أَوْلاَدَهُمْ } من ربيعة ومضر وبعض العرب وبعض النصارى تفعله قديما، والمراد بالأَولاد الإِناث، وتقدم كلام فى ذلك يقتلونهن خوف السبى والفاقة وغير ذلك، والمذكور فى القرآن أَنه خشية الإِملاق، وخسرانهم فى الدنيا بنقص الذرية وعددهم فإِن فى البنات الذرية بالتناسل وهن نفسهن ذرية نافعة وفيهن رقة على الأَبوين لا توجد فى الذكور، وخسرانهم فى الآخرة تعوض النار عن الجنة { سَفَهاً } لأَجل السفه منهم وهو خفة العقل، أَو سافهين أَو ذوى سفه، أَو ضمن قتلوا معنى سفهوا أَو سفهوا سفها، وذلك أَنهم لم يتيقنوا أَن الله هو الرزاق لهم ولأَولادهم، وعن ابن عباس: إِذا سرك أَن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من الأَنعام { قد خسر الذين } إِلى قوله { وما كانوا مهتدين } { بِغَيْرِ عِلْمٍ } نعت سفها أَو حال أَو متعلق بقتلوا، كان رجل لا يزال مُغتمّاً فى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: " مالك " فقال: أَذنبت يا رسول الله ذنباً أَخاف أَلا يغفر لى، وأَنا أَسلمت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما هو " ، قال: ولدت لى بنت فشفعت لى امرأَتى أَن أَتركها فتركتها حتى أَدركت فصارت من أَجمل النساء فخطبوها فدخلتنى الحمية أَن أَزوجها أَو اتركها بلا تزويج، فقلت لأمها: أريد أَن أَذهب إِلى قبيلة كذا لأقربائى فابعثيها معى فسرت بذلك وزينتها بالثياب والحلى وأَخذت على المواثيق أَلا أَخونها فذهبت بها إِلى رأس بير ففطنت فالتزمتنى وجعلت تقول: يا أَبى لا تضيع أُمى، فجعلت أَنظر تارة إِلى البير ومرة أَنظر إِليها فأَرحمها فغلبنى الشيطان فأَخذتها فأَلقيتها فى البير منكوسة وهى تنادى فى البير يا أَبى قتلتنى. فمكثت هناك حتى انقطع صوتها فرجعت، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " لو أمرت أَن أعاقب أَحداً بما فعل فى الجاهلية لعاقبتك " { وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللهُ } من البحائر والسوائب والوصائل والحوامى والحرث { افْتِرَاءً عَلَى اللهِ } مثل سفها فى إِعرابه { قَد ضَلُّوا } عن الحق { وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ } إِليه، وصفهم الله عز وجل بسبع: الخسران والسفه وعدم العلم وتحريم ما رزقهم الله والافتراء على الله سبحانه والضلال وعدم الاهتداء، ولما ذم أَحوال الأَشقياء بالاشراك رجع إِلى تقرير التوحيد بقوله:

{ وَهُوَ الَّذِى أَنْشَأَ } أَنبت { جَنَّاتٍ } بساتين من شجر العنب { مَعْرُوشَاتٍ } أَى ملقاة الأَشجار على العرائش أَى الأَشياء المرتفعة كالسقف فإِنهم يسقفون لها فتلقى على السقف، سقف عيدان أَو خشب أَو غير ذلك { وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ } بل ملقاة على الأَرْض أو ما خرج منها على الجبال وفى الأَودية بلا غارس فلا يكون له عريش لأَنه لا يعتنى به كما يعتنى بما غرس، أَو المراد بساتين من شجر العنب المبسوط بل علق إِلى شئ كنخل وجدار وركيزة، أَو المراد بساتين مما يسقف له ويفرش على السقف ومما لا يسقف له مما يقوم على ساق كشجر التين وشجر العنب الذى لا يترك يميل بأَن يقطع ما يميل منه أَو بغير القطع.

السابقالتالي
2 3 4