الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهَـٰذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ } * { لَهُمْ دَارُ ٱلسَّلَٰمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ ٱلإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلإِنْسِ رَبَّنَا ٱسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيۤ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ ٱلنَّارُ مَثْوَٰكُمْ خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ }

{ وَهذا } أَى دين الإِسلام قولا واعتقاداً وعملا وتركاً الذى أَنت عليه يا محمد وأَصحابك الآتى به القرآن كما جاءَ عن ابن مسعود أَن الإِشارة إِلى القرآن، وكما جاءَ عن ابن عباس أَنها للإِسلام، ويضعف أَن يكون الإِشارة للتوفيق والخذلان لأَنهما فعل الله لا فعل الناس يكلفهم أَن يكون لهم صراطاً مستقيماً، أَلا ترى إِلى قوله { صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً } حال من الخبر لأَن المبتدأَ اسم إشارة ناصبه اسم الإِشارة لما فيه من معنى الفعل وهو العامل فى صاحبه الذى هو الخبر أَو ناصبه ها التنبيه لما فيها من معنى الفعل، فيكون عامل الحال غير عامل فى صاحبه وهى حال مؤكدة لصاحبها لازمة لأَن صراط الله أَبداً مستقيم، وليست مؤكدة للجملة من جملة أُخرى هكذا أَحقه مستقيماً إِذ لا داعى لذلك، وقد وجدت التوكيد بلا حذف إِذا حصل بكونه صراط ربك أَنه مستقيم فزيد مستقيماً للتأْكيد، وأَضاف الصراط إِلى ربك لأَنه ارتضاه واقتضته حكمته. ومعنى استقامته أَنه يوصل إِلى هدى، كما يوصل إلى السوء ما هو معوج، أَو أَنه عدل وذلك تشبيه بطريق الأَرض المعتاد الموصل إِلى المقصود، ومن عادة الله إِجراء الأَحكام الشرعية وإِلزام الجرى عليها كالمشى فى الطريق فإِنه يوصل إِلى رضى الله وكرامته سبحانه { قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ } ميزناها شيئاً فشيئاً بلا خلط { لِقَوْمٍ يَذَّكَّرونَ } يتعظون فيعلمون أَن الله هو القادر، وأَنه لا حادث فى الوجود من جسم وعرض إِلا وهو عالم به قاض له خالق له بعدل، وخص المتذكرين بالذكر لأَنهم المنتفعون بالآيات، وإِلا فقد فصلها للمكلفين كلهم والآية عامة يدخل فيها الصحابة بالأَولى، وكأَن قائلاً قال: فما أَعد الله لهم فقال:

{ لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ } السلامة من كل مكروه الدائمة وهى الجنة لا يكون فيها مكروه ولا تنقطع. يقال السلام والسلامة كاللذاذ واللذاذة كقوله تعالىادخلوها بسلام } [ق: 34] أَو السلام لفظ سلام عليكم،والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم } [الرعد: 23 - 24]،وتحيتهم فيها سلام } [يونس: 10]،سلام قولا من رب رحيم } [يس: 58]،لا يسمعون فيها لغوا إِلا سلاماً } [مريم: 62]. أَو السلام الله. السلام المؤمن المهيمن، أَضافها لنفسه تشريفاً لها وترغيباً. والجملة استئناف بيانى نحوى كما رأَيت، أَو حال مقدرة من الواو، أَو نعت لقوم، أَو حال، أَو لهم حال أَو نعت ودار فاعل لقوله لهم { عِنْدَ رَبِّهِمْ } متعلق بلهم أَو بمتعلقة، أَو حال من دار المجعول فاعلا لقوله لهم. ومعنى العندية أَن دار السلام فى ضمانه وكفالته لهم ووعده. أَو أَنها معدة لهم كما تكون مهيأَة حاضرة لأَصحابها كقولهجزاؤهم عند ربهم } [البينة: 8]، أَو أَنها شئ مدخول موصوف بالقرب إِلى الله بالشرف لا بالمكان لتنزهه تعالى عنه، فلا يعرف كنهها سواه.

السابقالتالي
2 3 4