الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لِّمَن مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُل للَّهِ كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }

{ قُلْ لِمَنْ مَا فِى السَّمَاواتِ وَالأََرْضِ } أَى الأَرضين، لمن أَجزاؤُها، وما حل فيهما، ومن خالق ذلك، ومن مالكه، ولا بد أَن يقولوا ذلك لله عز وجل، كما قالولئن سأَلتهم من خلق السماوات والأَرض ليقولن الله } [الزمر: 38] وقالليقولن خلقهن العزيز العليم } [الزخرف: 9] لما كان ذلك حجة قاطعة لا يقدرون على التخلص منها وعدم الإِقرار بها، ولا جواب لهم سواها، أَمر الله جل وعلا رسوله أَن يبادر إِلى الإِقرار بها فقال { قُلْ لله } كما أَنهم يقولون الله لا بد، أَو يقال قل لله إن لم يقولوه، والأَول أَولى لأَنهم قالوه في مواطن، وليس مما ينتظر جوابه لأَنه متعين، بل هو مما يقال إِن فلاناً قاله ولم يقله، إِذا كان لا بد من اعترافه بك، فلك أَن تقول قل عنهم " لله " وقيل: الاية على أَنه كأَنهم تثاقلوا عن الجواب فأَمره صلى الله عيه وسلم أَن يجيب عنهم، وذلك أَن الموجودات منها ما شوهد حدوثه، ومنها ما لم يشاهد حدثوه، والكل عليه أَثر الحدوث من عجز وتركيب وحاجة وغير ذلك، ولا بد لها من صانع لأَنها صنعة بديعة الإِتقان، والحكيم لا يعبث، فإِنما خلقها لعاقبة محمودة لمن لم يتخلف عنها وذلك يستدعي إِرسال الرسل وأَنزل الكتب تكليفاً لعباده. وحببهم إِلى نفسه وإِلى الإِذعان إِلى الرسل بقوله { كَتَبَ } وعد وقضى { عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ } تفضلا وإِحساناً فى الدنيا والآخرة والدين على الناس كلهم، ومن ذلك تسهيل الشرع وإِنزاله وبيانه ونصب الدلايل عليه والتوفيق إِليه علماً وعملا وإِمهال الكافر، وفى الآية أَطلاق النفس على الله بمعنى الذات، وهو جائز لهذه الآية ونحوها بلا مشاكلة،ولو وجدت المشاكلة فى قوله تعالىتعلم ما فى نفسى ولا أَعلم ما فى نفسك } [المائدة: 116] ودعوى تقدير المشاكلة هكذا، وكتب على أَنفسكم الذنب، بعيد، فليس كما قيل لا يطلق على الله ولو بمعنى الذات إِلا لمشاكلة وأَنها لا تطلق إِلا على الحيوان، أَو إِلا على غير الله عز وجل، والآية رد على من قال يجب على الله الأَصلح والصلاح ولو بلا وعد، فإِنه لا واجب على الله، ولكن لا يخلف الوعد والوعيد، فلا بد من وقوع ما قاله لأَن إِخلاقه نقص، لا لوجوب عليه، روى مسلم عن أَبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما قضى الله الخلق كتب كتاباً فهو عنده فوق العرش: إِن رحمتى سبقت غضبى " ثم رأَيته للبخارى أَيضاً، وروى الترمذى عن أَبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما خلق الله تعالى الخلق كتب كتاباً عنده بيده على نفسه: إِن رحمتى تغلب غضبى "

السابقالتالي
2 3