الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ }

قوله تعالى { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الحَمدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضَ } إِخبار بأن جميع الحمد لله عز وجل، حتى حمد مخلوق لمخلوق على نعمة؛ لأَنَّ الله عز وجل هو الخالق لها الموفق لإعطائها والملقى الإِحسان فى قلب المعطى، فالله أَهل للحمد حمد أَو لم يحمد، وإِذا قلنا الحمد لله إِخبار منا على جهة تعظيم الله بأَنه أَهل للحمد فقد حمدنا، ولا سيما إِن قصدنا الإنشاء بالجملة الاسمية على القلة، فقد حصل الحمد إِلا أَن الوجه الأَول أَحسن لعمومه من قصد الإِنشاء. فإِن قصده مطابق لقول من يقول: المراد أَحمد الله حمداً فنقل للجملة الاسمية، فإِن قولك أَحمد يوهم أَداءَ حق الحمد ولو على قصد الاستمرار مع أَن حق الحمد لا يفى به أَحد، فإِن كل الحمد نعمة توجب الحمد على التسلسل، لأَن كل الحمد بتوفيق، وهو نعمة كما قال داود ذلك فأَوحى الله إِليه: الآن شكرتنى إِذ عرفت عجزك عن شكرى، ولما قال: إِياك نعبد وإِياك نستعين، علمنا أَن المراد بالحمد أَول الفاتحة والأَنعام وغيرهما تعليم العباد اللفظ الذى يلفظون به فى إِيقاع الحمد، ويجوز أَن تكون الجملة إِنشاءَ الخلق الحمد قولوا: الحمد لله، وجمع السماوات لتخالفها بالذات كذهب وفضة وموج، بخلاف الأَرضين فإِنهن وإِن كن سبعاً كالسماوات لكنهن كلهن تراب، وورد فى بعض الأَخبار تخالفهن، والله أَعلم بصحة ذلك وعدمه، وأَما كونهن سبعاً فهو الحق كما قال:ومن الأَرض مثلهن } [الطلاق: 12]، والتأويل خلاف الأَصل، وقد روى الترمذى عن أَبى هريرة، عنه صلى الله عليه وسلم أَن الأَرضين سبع، بين الواحدة والواحدة خمسمائة عام، وقدم السماوات لشرفهن بالوحى والملائكة وعبادتهم وعدم المعصية فيها إِلا ما وقع من إِبليس لتقدم خلقهن كما هو ظاهر من قوله تعالى:والأَرض بعد ذلك دحاها } [النازعات: 30]، ويقال: خلق الله عز وجل إِبليس تحت الأَرض السابعة فعبده أَلف سنة، وفى السابعة أَلفين وفى السادسة ثلاثة آلاف والخامسة أَربعة آلاف، وفى الرابعة خمسة آلاف، وفى الثالثة ستة آلاف، وفى الثانية سبعة آلاف، وفى الأولى ثمانية آلاف، ثم فى السماء الأُولى تسعة آلاف، وفى الثانية عشرة آلاف، وفى الثالثة أَحد عشر ألفاً، وفى الرابعة اثنى عشر أَلفاً، وفى الخامسة ثلاثة عشر ألفاً، وفى السادسة أَربعة عشر أَلفاً، وفى السابعة خمسة عشر ألفاً، وذلك مائة وعشرون أَلفاً، وقدام العرش ضعف ذلك مائتين وأَربعين أَلف سنة، ولم يبق موضع فى الأَرض إِلا سجد فيه، وقال: يا رب، هل بقى موضع لم أسجد فيه؟، قال: نعم، هو فى الأرض فاهبط، فهبط، فقال: ما هو؟ فقال: هو آدم فاسجد له، فقال: هل بقى موضع سوى آدم؟ فقال: لا، قال: لم أَمرتنى بالسجود له، وفضلته علىَّ؟ قال: أَنا المختار أَفعل ما أَشاءُ، لا أُسأَل عما أَفعل، فارتعدت الملائكة وله ستمائة أَلف جناح مرصع بالجواهر، ولباس من نور، وزالت كلها لما أَبى، وقيل: رأَى آدم صورة من طين بين مكة والطائف، فاحتقره لطينته، فزال ذلك كله عنه { وَجَعَلَ } أَى خلق، فله مفعول واحد كخلق، والفرق أَن فى الخلق معنى التقدير كقوله:

السابقالتالي
2