الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوۤاْ آبَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَـٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ ٱللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }

{ لاَ تَجِدُ } يا محمد أو يا من يصلح للخطاب { قَوْمًا يُؤْمِنُونَ } نعت قوماً أى قوماً مؤمنين قيل نزلت الآية فى حاطب إِذ كاتب أهل مكة بأَن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعد لفتح مكة وعن الثورى نزلت فيمن يصحب السلطان، لقى المنصور عبد العزيز بن أبى رواد فهرب منه وتلاها { بِاللهِ } أى ورسوله بدليل يوادون من حاد الله ورسوله { وَاليَوْمِ الآخِرِ } إِيماناً صحيحاً مخلصا. { يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ } مفعول ثان لتجد بمعنى تعلم أو نعت أو حال من قوما لنعته أو من واو يحادون على أن تجد بمعنى تلقى أو تصادف فمن وإِلى من حاد الله ورسوله فليس مؤمنا إِيماناً صحيحاً مخلصاً والنفى باق على ظاهره، وهو الصحيح ويجوز أن يكون الكلام من باب التخيل خيل أن من الممتنع المحال أن تجد قوماً مؤمنين إِيماناً مطلقاً ولو غير مخلص يوادون المشركين بمعنى لا ينبغى أن يكون ذلك ولو كان فقد جعل الواقع كعدم الواقع لعدم لياقته فالنفى متسلط على اللياقة ومعنى يوادون ويتحببون ويوالون والآية تشمل بالمعنى من يواد السلطان الجائر الموحد وأما بالنزول ففى المحادين المشركين. وذكر سفيان أنها نزلت فيما يرون لشأن من يخالط السلطان وفى الحديث القدسى: " وعزتي وجلالي لا ينال رحمتي من لم يوال أوليائي ويعاد أعدائي " وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " اللهم لا تجعل لفاجر ولا فاسق على يدا ولا نعمة فيوده قلبى، فإِنى وجدت فيما أوحى إِلىّ لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون... " الآية. ولا يتحبب إِلى مبتدع ولا يونس ولا يؤاكل ولا يشارب ولا يصاحب ولا يضاحك فذلك سبب لنزع نور الإِيمان. قال التسترى: من صحح وأخلص توحيده فإِنه لا يأنس بمبتدع ولا يجالسه ويظهر له من نفسه العداوة، ومن داهن مبتدعا سلبه الله حلاوة السنن. ومن أجاب مبتدعا لطلب عز الدنيا أو غناها أذله الله بذلك العز وأفقره بذلك الغنى، وكان بعض الصوفية يفعل ذلك ولا يقلع. وقد قالوا كل تصوف خالف تصوف الجنيد فهو بدعة { وَلَوْ كَانُوا } أى من حاد وضمير الجماعة للمعنى والإِفراد فى حاد للفظ { آبَاءَهُمْ } آباء القوم الموادين { أوْ أبْنَاءَهُمْ أوْ إِخْوَانَهُمْ أوْ عَشِيرَتَهُمْ } المراد مطلق الأَقارب بل الأُم والجد وما ذكر تمثيل وقدم الآباء لوجوب طاعتهم وبرهم على الأَبناء وثنى بالإِخوان أعضاد والمراد بالأَخ فى قوله:
أخاك أخاك إِن من لا أخا له   كساعٍ إِلى الهيجا بغير سلاح
ما يشمل الأَخ بالنسب أو الرضاع أو التناصر وختم بالعشيرة لأَنهم يلون الإِخوان فى النصر ولما كان الكلام فى التغيي حمل الأبوة على النسبية لا على ما يشمل الجد وأبوة الرضاع وأبوة التبنى، وحمل البنوة على النسبية لا على ما يشمل بنوة التبنى وبنوة الالتقاط وبنوة الرضاع.

السابقالتالي
2 3