الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } * { يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَأَنفَقُواْ لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ } * { وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُواْ بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } * { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } * { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } * { يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ } * { يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَٱرْتَبْتُمْ وَغرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ }

{ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ فِي سِتَّةِ أيَّامٍ } مقدار ستة أيام { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } الترتيب ذكرى أو رتبى والعرش الملك كله أو الجسم العظيم الذى الكرسى كالحلقة فيه والاستواء على ذلك بمعنى الإِحاطة وضبطه وكونه تحت حكمه { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرضِ } يدخل فيها من ماء وموتى وكنوز { وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا } من ماء وكنوز ونبات وموتى تبعث { وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ } من جهة العلو من ماء وثلج وصواعق وملائكة وكتب وخيور وشرور فالسماء يشمل السبع والهواء { وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا } يدخلها من الأَعمال والملائكة ومرت الآية { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ } هذا مجاز مركب غير استعارة تمثيلية إِذ لا يشبه العلم بشئ بالكون معه بل ذلك كناية عن إِحاطة علمه بهم وعدم خروجهم عن حكمه أو المعية مجاز مرسل عن العلم لعلاقة التسبب واللزوم، كما قال ابن عباس عالم بكم أينما كنتم، وكما قال سفيان الثورى علمه معكم، و الحق ما قال أبو حيان من تأْويل كل ما يوهم وصف الله تعالى بما لا يجوز، لا الإِبقاء على ظاهره كالمعية فى الآية بالذات ولا الوقف ولا القول بلا كيف.

{ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } هذا مثل ما قبله إِلا أن هذا كناية عن الإِحاطة بأَعمالهم وما قيل كناية عن الإِحاطة بذواتهم وقدم الخلق فى قوله: { هو الذي خلق } الخ عن العلم فى قوله: { وهو معكم } وفى قوله: { والله بما تعملون بصير } مع أن الخلق فعل وهو متأَخر عن الصفة وهى العلم لأَن المراد الإِشارة إِلى ما يدور عليه الجزاء من العلم التابع للمعلوم كذا قيل: وقيل لأَن الخلق دليل العلم لأَن جودة الصنعة دليل على علم الصانع والمدلول متأَخر عن الدليل، لأَنه يحصل بالدليل وأكد ذلك بقوله تعالى: { لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ } الإِضافة للبيان أى مملوكات هى السماوات والأَرض أو إِضافة مصدر لمفعوله ومهد به لقوله تعالى { وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ } وتقديم له وإِلى الله لنفى أن يكون ذلك لغيره وأن يكون له مع غيره { يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ } يدخل كل منهما فى الآخر فينقص الداخل ويزداد المدخول عليه.

{ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } أى بصاحبة الصدور وهى ما فيها من المكنونات قيل أو بنفس الصدور فيلزم العلم بما فيها بالأَولى، إِلا أن استعمال الذات بمعنى نفس الشئ، لا يوجد فى كلام العرب، والصدر القلب تسمية للحال باسم المحل، وفيه أنه لا نسلم أن القلب حال فى الصدر بل خلقا معا إِلا أن يلاحظ الفهم بالقلب فإِنه متأَخر فأَولى من ذلك أن الصدر ظرف للقلب فيقال تسمية للمظروف باسم الظرف وقد يريد هذا من عبر هنا بالحال والمحل، وتقدم الظرف على المظروف غير لازم بل يجوز اقترانهما ويجوز أن التسمية للجوار ولا تظهر الكلية والجزئية إِذ لا نسلم أن القلب جزء من الصدر { آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فيهِ } الإِيمان بالله ورسوله محقق ومبين لأَن يعلم المالك أن ما فى يده هو خليفة فيه عمن قبله وخليفة لمن بعده يحفظه لمن بعده كما حفظه له من قبله وإِذا تحقق أنه انتقل إليه ممن قبله، وسينتقل عنه لمن بعده سهل عليه الإِنفاق منه ورغب فى أن يربح به الأَجر قيل فوته، وفى أن ينفقه فيما أمره بإِنفاقه فيه من جعله خليفة عليه ولم يملكه حقيقة الملك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10