الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } * { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } * { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } * { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } * { ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ ٱلإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ٱبتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ رِضْوَانِ ٱللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ } عظيمة { مِن رَّبِّكُمْ } إِلى موجبات المغفرة وهى أنواع العبادات وترك المعاصى، أى ليجتهد كل واحد منكم أن يكون أكثر عبادة من غيره وأشد إِخلاصاً بلا حسد ولا منافسة وذلك أن يكون أول داخل وآخر خارج، وأول صف فى القتال، وأن لا تفوته تكبيرة الإِحرام مع الإِمام، وأول من يصلى أول الوقت إِذا صلى وحده وأول راجع إِلى الصلح إِذا فاتن أحدا، وأول عاف إِذا أمكن العفو من الجانبين، وأن يزكى أول الوقت ولا يؤخر زكاة أو حجاً أو غيره مما لزمه وهكذا والكلام استعارة تمثيلية فى أمر المتسابقين على الخيل على شئ يؤخذ، أو مجاز مرسل تعبير بالملزوم عن اللازم يلزم من الأَعمال الفوز بالجنة، وقيل سابقوا الموت بالعمل قبل مجيئه. ويقال سابقوا إِبليس وأعوانه عن أن يصدكم عن الأَعمال. وفى قوله من ربكم تعظيم للمغفرة { وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ } السماوات السبع { وَالأَرْضِ } الأَرضين السبع متصلات مبسوطات كرقة الورقة، ولو أن الجنة مسحت بماء البحور كلها لم تعمها، وإِذا كان العرض كذلك فكيف الطول أو ذلك تمثيل بما يعرف الناس أو العرض البسطة والوسعة كقوله تعالىفذو دعاء عريض } [فصلت: 51] وقدم المغفرة لأَنها سبب الجنة ومتقدمة فى الوجود على دخول الجنة، ولأَنها تخلية والجنة تحلية. { أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ } إِيمانا مستتبعاً للأَعمال الصالحة وترك الإِصرار والأَطفال والمجانين قبل البلوغ يدخلونها بلا عمل، وكذا من مات قبل أن يلزمه عمل من وحد والتوحيد عمل والآية والأَحاديث تدل أن الجنة والنار موجودتان الآن وهو الصحيح { ذَلِكَ } الموعود من المغفرة والجنة { فَضْلُ اللهِ } عطاؤه غير الواجب ولا واجب عليه تعالى { يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ } أن يؤتيه إِياه { واللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } فى الجملة وعموما فلا يبعد عنه التفضل بالمغفرة والجنة للتائب وهذا تذييل لما قبله.

{ مَا أصابَ } إِنسيا أو جنيا أو حيوانا { مِن مُّصِيبَةٍ } فاعل أصاب ومن صلة وأصل المصيبة فى اللغة أن تكون فى الخير والشر ثم خص فى اللغة أيضاً بالشر وهو عرف لها ولغيرها وأصاب يستعمل فيهما. قال الله تعالى:ولئن أصابكم فضل من الله } [النساء: 73]. وما قيل من أن مصيبة للشر لأَنه مأْخوذ من أصاب السهم الرمية، وأصاب إِذا كان فى الخير يعتبر بالصوب أى المطر لا عبرة به بل الإِصابة بمعنى ملاقاة الشئ أصل مطلقا. وقد قيل المصيبة هنا تعم الخير والشر ويدل له قوله: لئلا تأسوا. وقوله: ولا تفرحوا. وذكر الفعل لأَن الفاعل ظاهر مجازى التأْنيث والأَصل فيه التأْنيث كما هو ظاهر، وكما نص عليه السعد وللفصل { فِي الأَرْضِ } كقحط وعاهة زرع وثمار وعدم الثمار وقلتها وزلزلة وغير ذلك { وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ } كمرض وجرح وكسر وحزن وقدر بعض: وما أتت من نعمة لقوله تعالى: ولا تفرحوا بما آتاكم فيكون ذلك من باب الاكتفاء كقوله تعالى:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9