الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } * { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ } * { وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ }

{ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } تقولون مطرنا بنوء كذا وبنجم كذا فرزقكم بمعنى شكركم تعبير بالمسبب عن السبب أو باللازم عن الملزوم أو يقدر مضاف أى شكر رزقكم وذلك مجاز، ويجوز أن يكون حقيقة على لغة أزد شنوءة، يسمون الرزق شكراً، يقولون أطعم فلان فلاناً ألفاً، وما رزقه أى ما شكره. وقرأ على فى صلاة الفجر وتجعلون شكركم.. الخ إِذ قرأ فيها بسورة الواقعة ولما فرغ من الصلاة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ كذلك وقد علمت أنه يقول قائل أى يستنكر ذلك، فلو كانت تفسيراً لم يقرأ به فى الصلاة. وقد استشهد أيضاً بالحديث كما سمعت ومعنى الآية جعلتم التكذيب مكان الشكر حتى كأَنه عينه.

وفى حديث الربيع بن حبيب أصبح من عبادى مؤمن وكافر، من قال أمطرنا بفضل الله فهو مؤمن بى، وكافر بالنجم، ومن قال أمطرنا بنوء كذا فكافر بى ومؤمن بالنجم... ومثله للبخارى ومسلم إِلا أنه زاد مسلم قوله فنزلت الآية: فلا أقسم.. إِلى تكذبون وفى حديث ابن أبى حاتم لما نزلوا فى غزوة تبوك الحجر أمرهم - صلى الله عليه وسلم - أن لا يحملوا من ماء بئره ماء لأَنها لقوم ظلموا، فأَهلكهم الله عز وجل وارتحلوا ثم نزلوا ولا ماء فشكوا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى ركعتين ودعا فأُمطروا، فقال رجل من الأَنصار يتهمونه بالنفاق: إِنما مطرنا بنوء كذا فنزل ما نزل.

وعن ابن عباس: مطر الناس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال " أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر " قالوا: هذه رحمة وضعها الله وقال بعضهم لقد صدق نوء كذا فنزلت الآية: { فلا أقسم بمواقع النجوم... } إِلى { أنكم تكذبون }. وذلك كفر شرك إِذ قالوا: الكوكب مؤثر حقيقة موجد للمطر، ويدل له أنه قوبل به الإِيمان ومقابلته بالشكر فى بعض الأَحاديث يناسب أنه كفر نعمة ولا يحسن هذا إِلا إِن أراد نسبة المطر إِلى النجم غافلا عن قطعه عن الله، وقد قيل: يكره مثل هذا كراهة لا كفراً.

وفى رواية صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح بالحديبية فى أثر السماء كانت من الليل فلما سلم أقبل علينا فقال: " هل تدرون ما قال ربكم فى هذه الليلة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم فقال: " قال ما أنعمت على عبادي نعمة إِلاَّ أصبح فريق منهم بها كافرين " ، فأَما من آمن بي وحمدني على سقياي، فذلك الذي آمن بي وكفر بالنجم، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك الذي آمن بالكوكب وكفر بي "

السابقالتالي
2