الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَٱلدِّهَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يُعْرَفُ ٱلْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِٱلنَّوَاصِي وَٱلأَقْدَامِ }

{ فَبِأَيِّ آلاَءِ ربِّكُمَا } من نعم التهديد الزاجر عن أنواع المهالك إِلى أنواع المفازات.

{ تُكذِّبانِ. فإِذَا } جوابها محذوف يقدر بعد قوله كالدهان للتهويل، أى كان مالا تسعه دائرة الكلام أو رأيتما أمرا هائلا أو الجواب قوله تعالى: فيومئذ، إِلى آخره.

{ انشَقَّتِ السَّماءُ } سماء الدنيا والسموات الست تزال بلا انشقاق وقيل انشقاقها عبارة عن خرابها، وقيل تنشق لنزول الملائكة وقيل عبارة عن شدة الهول.

{ فَكَانتْ ورْدةً } تشبيه بليغ كأَنها نفس النورة التى تنبت ولها رائحة ووجه الشبه اتفاق اللون فى الحمرة عند قتادة، وذلك بحرارة النار، وعن ابن عباس كأَنها نفس الفرس الورد أى الشبيه بتلك النورة فى الحمرة، وفيه أن التشبيه بالأَصل وهو تلك النورة أولى من التشبيه بما شبه به. نعم قال الكلبى والفراء الفرس الورد هو الذى يصفر ربيعا ويحمر شتاء ويغبر فى شدة البرد فيحسن تشبيه السماء به لجامع ذلك التلون، وقيل المراد وردة صفراء.

{ كالدِّهانِ } خبر ثان لكانت لا نعت لوردة إِذ لا شبه بين الوردة والدهان، وهو دردرى الزيت إِلا إِن فرضنا أن الورد يذوب فنقول: تذاب السماء بحر نار جهنم، فوجه الشبه الذوبان وقيل اللمعان وقيل الدهان أنواع الدهن المختلفة بعض أحمر وبعض أصفر وبعض غيرهما وهو جمع دهن كقرطٍ وقراط أو مفرد كحزام وإِدام، وعن ابن عباس الدهان الجلد الأَحمر فهو مفرد وقيل جمع وقيل لون السماء حمرة والخضرة التى نرى للبعد، وفيه أن قوله عز وجل فكانت وردة يدل على حدوث اللون فيها. { فَبِأَيِّ آلاءِ ربِّكُما } نعمه التى تضمنها الزجر عن المعصية الداعى إِلى نعم لا تحصى، المنجى من شرور لا تستقصى، وقد كان عدلا أن يأَخذكم بأَول معصية بعد الزجر ولم يفعل. { تُكَذِّبَانِ. فَيَوْمَئِذٍ } يوم إِذا انشقت السماء أى تنشق متعلق بيسأَل بعده وإِذا جعل هذا وما بعده من الجملة جواب إِذا ففيه تأَكيد لأَن قوله تعالى: فإِذا انشقت السماء، مغن.

{ لا يُسْأَلُ عن ذَنبهِ } ما هو ولاكم سؤال استفهام حقيق ليعلمه من جهتهم، لأَن الله تعالى عالم به فهو يجازى عليه لا يفوته ولأَنه كتب ولأَنه يُعرف المجرمون بسيماهم بل يسأَل سؤال توبيخ أو تقرير وهكذا كلما نفى السؤال فهو لاستفهام الحقيق وإذا ثبت فهو استفهام توبيخ أو تقرير كقوله تعالى:فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِين } [الحجر: 92] ثم اطلعت أن ذلك مذهب ابن عباس، وقيل لا يسأَلون سؤال رحمة، وقيل لا يُسأَل غير المجرم عن ذنب المجرم، وقيل يسأَلون فى موطن من مواطن يوم القيامة، ولا يسأَلون فى موطن آخر وتنطق جوارحهم فيه، وقيل نفى السؤال عند الخروج وأثبت عند السؤال، وقيل نفى السؤال عن الذنب وأثبت السؤال عن الباعث على الذنب وضمير ذنبه للإِنس لأَن قوله إِنس فى نية التقديم لأَنه نائب فاعل وإِفراد الضمير لأَن الإِنس يطلق على الفرد كما هنا وعلى الجماعة.

السابقالتالي
2