الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ }

{ وأعْطَى قَلِيلاً } مالا قليلا أو اعطاء قليلا { وأكْدى } قطع الاعطاء، كمن يحفر ثم أكدى، أى وصل كدية، شبه قطع الاعطاء لداع بقطع الحفر لكدية، وصلها الحافر وعجز عنها، وأشار الى ذلك بملائمة وهو أكدى، أو شبه الوصول الى حد قطع الاعطاء بوصول الحافر الى الكدية كذلك، فقطع الاعطاء من جنس الاكداء، واشتق من الاكداء بمعنى قطع الاعطاء، أكدى بمعنى قطع الاعطاء، أكدى بمعنى قطع على التبعية.

سمع الوليد بن المغيرة قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعظه، فطمع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض الدين، وعوتب فقال: أخاف عذاب الله عز وجل، فقال به مشرك: اثبت على دينك أتحمل عنك كل ما فى الآخرة عليك على أن تعطينى كذا من المال، فأعطى بعضا ثم أمسك شحا، فذكر الله سبحانه قصته وصفا لها واخبارا لا نهيا عن قطع الاعطاء فى المعصية، فان الشرع يأمر بقطعه، وكذا على ما قيل: نزلت فى النظر ابن الحارث، أعطى خمس قلائص لمهاجر فقير ليرتد، فارتد وقد ضمن عنه اثمه، وما قيل نزلت فى العاصى بن وائل السهمى، الموافق لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض الأمور، وقد أعطى بعض ماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى سبيل الله، ويجوز أن يراد فى هذه الرواية بالاعطاء الاذعان الى بعض الدين.

ويناسبه ما روى أن الآية فى أبى جهل اذ أقر قال: والله ما يأمر محمد الا بمكارم الأخالق، فسمى اقراره اعطاء، وعدم اسلامه اكداء، وعن ابن عباس: الآية فيمن أسلم وارتد، وقيل: نزلت الآية فى الامام عثمان، إذ جهز الجيش من ماله، وصرف ماله فى وجوه الأجر، ثم أمسك لما خوَّف بالفقر، وأما ما قيل ان عبد الله بن سعيد بن أبى سرح قال له: يوشك لاسرافك فى العطاء أن تتكفف، فقال: أطلب رضا الله تعالى وغفران ذنوبى، فقال: أعطنى ناقتك برحلها أتحمل ذنوبك، فأعطاه، فلا يصح لبعد ذلك عن أضعف الصحابة، فضلا عنه، الا أنه بعد ست من خلافته لعب بالدين ومال الله عز وجل، وقوله تعالى بعد:ألاَّ تزر وازرة وزر أخرى * وأنْ ليس للإنسان إلاَّ ما سعى } [النجم: 38 - 39] يناسب تلك الأقوال كلها إلا قول من قال: نزلت فى أبى جهل، وكذا يلائمها غير قول أبى جهل.