الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ }

{ كَذلكَ } خبر لمحذوف، أى الأمر كذلك، وهذا من فصل الخطاب، ومن التخلص كما يقال: أما بعد، وكما يقال: هذا وان كذا أو الاشارة الى قوله: { ما أتَى الَّذينَ مِنْ قَبْلِهم } إلخ فيشكل بأن الأمر هو نفس قوله: { ما أتى الذين من قبلهم } الخ، لا مثله، فأما أن يقال: الكاف زائدة، وإما أن يقال: الأمر المطلق من أمور الله، مثل قوله: { ما أتى } أو الإشارة الى تكذيب قومك، أى تكذيبهم لك، مثل تكذيب من قبلهم رسلهم، ووجه التخلص أنه تقدم الكلام فى القول المختلف، وعقبه بغيره، ورجع الكلام اليه هنا، ومن أجاز خروج ما النافية عن الصدر ان لم تعمل ليس أجاز أن يكون كذلك مفعولا مطلقا، لأننى والاشارة الىالاتيان، أى ما أتى الذين من قبلهم من رسول ايتاناً مثل اتيانهم، وأجاز أن يكون معمولا لقالوا، والاشارة للقول، أى الا قالوا ساحر أو مجنون مثل ذلك القول، لكن الأصل بقاء ما النافية على الصدر، وهاء من قبلهم عائد الى قريش.

{ مِنْ رسُولٍ } من رسل الله، وإما أن يقدر ما أتى من الله الذين من قبله من رسول { إلاَّ قالُوا } فى شأنه { سَاحرٌ أَو مَجْنُون } هو ساحر أو مجنون إلا قالوا تارة هو ساحر، وتارة هو مجنون، وأو لمنع الخلو لا لمنع الجمع، لأن من اختلاف قولهم أن لا يبالوا بالجمع بين المتنافيين، أو قال بعض: هو ساحر، وبعض هو مجنون، ويجوز أن تكون أو من كلام الله تعالى، أى لا يخلون من صدور أنه ساحر، أو أنه مجنون لا بد أن يقولوا أحدهما، أو يجمعان، أو تارة قال بعض ساحر، وبعض مجنون، وبعض ساحر ومجنون، ورسول نكرة فى سياق النفى تعم، ولا سيما مع من الزائدة فانها مع من فى السلب نص فى العموم، فيشكل بآدم فانه لم يقل أحد إنه ساحر، أو انه مجنون، فيجاب بأن الآية جاءت فى الرسل الذين تقدمهم قوم، فكانوا فيهم فخالفوهم فكذبوهم لتلك المخالفة، وآدم لم يتقدمه، وأما ما اجيب به من أنه نبى غير رسول، فلا يتم لأنه رسول لأولاده، ومن أدرك من نسلهم على الصحيح.

وأجيب أيضا بأن الآية فى رسل من بنى آدم وآدم ليس من بنى آدم، وفيه أنه كثيرا ما يدخل فى بنى آدم إذا ذكروا أو أشكلت الآية بأن الرسل المقررين لشرع من قبلهم لم يكذبهم قومهم، بل كذبوا أهل الشرع قبلهم، فيجاب بأن تكذيبهم تكذيب لأهل الشرع قبلهم، فهم كذبوا الرسل المحكى عنهم، وبأن الرسل الحاكين ممن قبلهم يسمون رسلا، وكذبهم قومهم - فقومهم يكذبونهم، فهم كذبوا رسل زمانهم، وأخطأ من قال: إن المقررين كلهم أنبياء لا رسل، بل منهم نبى رسول، ومنهم نبى غير رسول، حكمه حكم الرسول، وأيضا يوحى إلى الأنبياء ما ليس فى كتب من قبلهم أيضا، وأجيب أيضا بأن الآية فى الرسل لا فى المقررين لهم.

السابقالتالي
2