الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْمَجِيدِ } * { بَلْ عَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ } * { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } * { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ }

{ ق } كان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما كان يقرؤها فى الأولى من الفجر، وفى الثانيةاقتربت الساعة } [القمر: 1] قالت أم هشام بنت حارثة: ما أخذت { ق والقرآن المجيد } إلا من فى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرؤ بها فى كل جمعة على المنبر فى الخطبة، ومما قيل فى " ق " إنه فعل أمر ومفاعلة من قفا يقفو، ويقال قافى يقافى قاف بكسر الفاء، أى تابع باسكان العين، أمره باتباع القرآن والعمل بما فيه، أو افعل من وقف، أى قف عند ما شرع الله عز وجل لا تجاوزه، وقيل: اسم لله عز وجل، وقيل: مفتاح كل اسم لله تعالى مبدوء بالقاف، مثل قادر وقدير، وقاهر وقريب، وقابض وقدوس وقيوم.

وشهر ان وراء البحر المحيط جبلا محيطا بالدنيا يقال له " ق " من زمرد أخضر، عروقه فى الصخرة التى عليها الأرض، إذا أراد الله زلزلة أرض حرك عرقا يليها، ولم أر ذلك فى حديث مسند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل وقف على التابعين وبعض الصحابة كابن عباس، ولو روته جماعة يلتزمون تخريج الحديث الصحيح، ومع ذلك فى القلب من صحته شىء، والله قادر على أضعاف ما لا يحصى من ذلك، وأما يرد ذلك بأن الناس قطعوا هذه الأرض برها وبحرها ولم يروه، فلا يصح لأنه لا يوجد من قطع البحر المحيط عرضا لهول ما بعد منه، ولو بسفن النار، ولظلمته فانه لا تقطعه الشمس دبورا وشمالا ومشرقا، فيكف الجنوب، وأمر الزلزلة لا يتوقف على جبل " ق " وعرقه، بل يزلزلها الله عز وجل بلا شىء، وان زلزلها باحتقان بخار فيما صلب تحتها أو بغيره.

{ والقُرآن المَجِيد } قسم مستأنف، أو عطف على الاقسام بقاف، على أن قافا جبل أقسم به الله، أو أنه السورة هذه أقسم الله بها، والجواب محذوف تقديره: لتبعثن، أو أنك جئتهم منذرا بالبعث، أو انا أنزلناه لتنذر به، أو انك لمنذر، أو لا حجة لهم فى الرد عليك، أو قوله: { ما تنقص الأرض } أوما يلفظ من قول } [ق: 18] أوإنَّ في ذلك لذكرى } [ق: 37] أوما يُبدل القول لديَّ } [ق: 29] حذفت اللام فى هذه الأربعة لطول الفصل أو هو قوله تعالى:

{ بلْ عَجبُوا أنْ جاءهم مُنذرٌ منْهُم } وفيه أن بل ولو لم تكن عاطفة لكنها للاضراب، فلا تكون فى الجواب، وهب أنها فيه لكن لا يجىء مثل ذلك فى كلام العرب، فلا يخرج عليه القرآن، والأولى أنها عاطفة على محذوف، وأن الجواب أنك جئتهم منذرا بالبعث، أو انك لمنذر، أو انا أنزلناه لتنذر به، وصورة العطف هكذا مثلا، انا أنزلناه لتنذر به الناس فلم يؤمنوا به، بل عجبوا، أو فلم يقبلوا بل عجبوا، أوفشكوا بل عجبوا، لم يكتفوا بالشك بل جزموا بالتكذيب، وجعلوه من الأمور التى يتعجب منها، وقيل: الاضراب متعلق بقوله: " المجيد " أى بل عجبوا لجهلهم بمجد القرآن، لا لانتهاء المجد عنه، فانه مجيد، والتعجب من الشىء يقتضى الجهل بسببه، وهو تكلف لا يتبادر.

السابقالتالي
2 3