الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ ٱلْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ ٱلْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }

{ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البَحْرِ } كل ما فيه من حيوان ولو أَشبه بالخنزير أَو الإِنسان، وهو مالا يحيا إِلا بالماء ولو فى الحرم، مثل أَن يخلق الله الحوت في بركة أَو ماء مجتمع فيه، وذلك كله داخل في الآية كأَنه قيل أحل لكم هذا النوع الذى يكون في البحر سواء كان فيه أَو فى غيره مما لا يعيش إِلا فى الماء، وأَما ما يعيش فيه وفى غيره مثل الضفدع والبط والأَوز والسلحفاة فلا يحل صيده ففيه الجزاء، وقال أَبو حنيفة: لا يحل للمحرم من البحر إِلا ما يسمى سمكاً أَو حوتاً بأَنواعه، أَو أَشبه حيوان البر التى يحل أَكلها وليس كذلك، لأَن الآية عامة، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " هو الطهور ماؤه والحل ميتته " ، وقوله: " كل ما فى البحر مذكى " عامان، والصيد بمعنى الحيوان البحرى أَو بمعنى الاصطياد، وعليه فاضافة صيد إلى البحر مجاز عقلى لأَن البحر لا يصاد بل يصاد فيه ومنه، أَو يقدر مضاف أَى صيد حى البحر، وسائر المياه كالبحر، وقيل: ما كان من البحر أَو الماء شبه الطير أَو الآدمي أَو غير ذلك مما ليس على صورة الحوت لا يجوز وهو ضعيف { وَطَعَامُهُ } أَى طعام البحر، وهو ما مات من حيوانه فيه وطفا أَو لم يطف، فالهاء للبحر، أَو جزر عنه البحر أَو أَلقاه الموج في البر، ويجوز أَن يكون طعام مصدر طعم يطعم بمعنى أَكل على غير قياس الثلاثى المتعدى فالهاء للصيد بمعنى المصيد، أَى أُحل لكم مصيده وأَكله، أَو أَن تصطادوا ما فيه وأَن تأْكلوه، وقيل: صيد البحر الطرى وطعامه المملوح، وهو ضعيف لأَن ما حل لا يحرم بقدمه إلا لعلة حادثة مثل الإِسكار والإِضرار، فالمملوح داخل في حل السمك، وكذا ما مات بلا صيد لا يحرم بالقدم { مَتَاعاً } تعليل لقوله أحل أَى تمتيعاً أَو مفعول مطلق أَى متعكم به تمتيعاً { لَكُمْ } فمتاعاً اسم مصدر بخلاف طعام فإِنه لا حاجة إِلى جعله اسم مصدر مع الاستغناء عنه بجعله مصدراً على خلاف القياس مع ما فى دعوى كونه اسم مصدر من التكلف لا حتياجه إِلى أَن يقدر إِطعامكم إِياه أَنفسكم { وَلِلسَّيَّارةِ } يتزودونه قديداً كما تزوده موسى إلى الخضر { وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ البَرِّ } أَى وحشه فالصيد بمعنى ما يصاد، فالوحش حرام على المحرم صاده هو أَو محرم آخر، وصاده من ليس محرماً سواء صيد للمحرم أَو لغيره، أَو بمعنى الاصطياد فيحرم على المحرم الاصطياد ويحل له ما صاده غيره، ولو صاده له ما لم يعنه على اصطياده بسلاح أَو غيره، والصحيح أَنه إِذا صيد للمحرم حرم عليه، قال صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2