الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ ٱلْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذٰلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا ٱللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ ٱللَّهُ مِنْهُ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ }

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ } مأْكولا أَو غير مأْكول، وخص الشافعى ذلك بالمأْكول لأَنه الغالب فيه عرفاً لأَنه روى مرفوعاً: " خمسة يقتلن في الحل والحرم: الحدأَة والغراب والعقرب والفارة والكلب العقور " ، ويروى الحية بدل العقرب { وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } جمع حرام إِما بمعنى ممتنع بالإِحرام بالحج أَو العمرة أو بهما، أَو بكونهم فى الحرم فإِنهم نهوا عن قتل الصيد فى الحرم ولو كانوا حلالا، وعن قتل الصيد فى الحل إِن أَحرموا بذلك، وسواء القتل بذكاة شرعية أَو بغيرها، وإِذا ذكى المحرم صيد انحل بذبح أَو نحر أَو برمى أَو جارحة فهو ميتة لا يحل، وقيل حلال لغير المحرم، وعلى كل حال عليه الجزاء وعليه الشافعى: كذكاة الغاصب وذكاة السارق تحل عنده لغيرهما، والصحيح الأَول لقيام المانع بالمذكى كقيامه بالوثنى والأَقلف البالغ بلا عذر، وهو الإِحرام، وأَما ما يؤذى فجاءَ الحديث بقتله في الحل والحرم وللمحل المحرم فلا جزاءَ ولا إِثم { وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً } أَو خاطئاً أَو نائماً أَو مغمى عليه أَو سكران أَو مجنوناً، أَو فى طفولية فيخاطب قائم الطفل من مال الطفل إِن لم يأمره، والجاهل داخل في التعمد، والجهل عمداً إِذا كان الجهل جهل تحريم بعده صلى الله عليه وسلم، أَو كان الجهل في زمانه أَو بعده جهل أَنه صيد ومن الخطأَ أَن يطأَه ليلا مثلا أَو يرمى إِلى غيره فتصادفه، ومنه أَن ينسى أَنه محرم، قال الزهرى: نزل الكتاب بالعمد، ووردت السنة بالخطأ، ففى كل منها جزاء عندنا وعند الجمهور، وليس العمد في الآية قيداً، بل إِما ليبنى عليه قوله: { ليذوق وبال أَمره } ، وقوله: { ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام }؛ فإِن الخاطئ لا وبال عليه ولا نقمة، وعليه الجزاء المبنى على الإِحرام أَو الحرم لعظم شأنهما فلم يسقط بالخطأ كما لا يسقط ضمان المال والنفس بالخطأ، وإِما لأَن الآية نزلت في العامد إذ عن لهم فى عمرة الحديبية حمار وحش فطعنه أَبو اليسر برمح عمد فقتله وهو محرم، وقال أَبو داود وسائر الظاهرية أَنه لا جزاءَ على الخطأ وهو قول سعيد بن جبير، ورواية عن الحسن وعنه رواية كالجمهور، وإِما لجميع ذلك من العقاب ووقوع حادثة أَبى اليسر { فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَم } أَى فعليه جزاء، أَو فالواجب جزاء، والإِضافة للبيان، أَى فجزاء هو مثل ما قتل، وذلك المقتول وحش والمثل بعض النعم وهو الإِبل والبقر والغنم، أَو مثل مقحم كقولك مثلى لا يقول كذا، والجزاء فى ذلك كله العوض، وهو نفس ما أَعطى من النعم مماثل لما قتله من الوحش، والمماثلة باعتبار الهيئة والخلقة عند مالك الشافعى، وباعتبار القيمة عند أَبى حنيفة، في المذهب، ويدل للأول أَن القيمة لا تكون هدياً بالغ الكعبة ودعوى أنه يشتري بها هدي بالغ الكعبة تكلف بلا دليل وخروج عن الظاهر بلا داع، ويدل له أَيضا حكم الصحابة بنفس المماثل من النعم ببدنة في النعامة وببقرة في حمار الوحش وبكبش في الضبع وبعنز في غزال أَنثى وبشاة في ظبى ذكر وبجفرة أَو عناق في الأَرنب واليربوع وبسخلة في الضب.

السابقالتالي
2 3 4