الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَٱحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } * { لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ إِذَا مَا ٱتَّقَواْ وَآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِٱلْغَيْبِ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ } فيما أَمر به الله ورسوله، { واحْذَرُوا } المخالفة في أَمر الله ورسوله وفيما نهى الله ورسوله عنه كالخمر والميسر والأَنصاب والأَزلام، فهذا تأْكيد لتحريمهن بذكر الله ورسوله معاً وتكرير الإِطاعة وذكر الحذر تعميماً لهن ولغيرهن، وزاد تأكيداً آخر بقوله: { فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ } عن الإِطاعة والحذر فجزاؤكم علينا لا على الرسول، ولم تضروا بتوليكم الرسول { فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا البَلاَغُ المُبِينُ } أَى تحصيل البلاغ للوحى، فهو مصدر، أَو التبليغ فهو اسم مصدر، وقد بلغ فما ضررتم إِلا أَنفسكم، ولما أَلفوا الخمر تحرا وشرباً وإِزالة للهم بشربها كان تحريمها تدريجاً فنزل قوله تعالىيسأَلونك عن الخمر } [البقرة: 219] إلخ فتركها بعض تحرجاً عن إِثمها وبقى بعض على منافعها، فنزللا تقربوا الصلاة وأَنتم سكارى } [النساء: 43] فتركها بعض وقال بعض نشربها ونقعد في بيوتنا حتى لا نضر أَحداً، وشربها بعض حين لا تضر بالصلاة حتى نزل إِنما الخمر، إِلى فهل أَنتم منتهون، فقالوا: انتهينا يا ربنا، وذلك سنة ثلاث من الهجرة، فقال أَبو بكر وغيره: كيف حال من مات وقد شربها وأَكل الميسر من المؤمنين يا رسول الله، فنزل قوله تعالى:

{ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } الأَحياءِ والأَموات { جُنَاحٌ فِيمَا طَعمُوا } أَكلوا مما لم يحرم، ولو حرم بعد كالخمر والميسر، والطعم شامل للشرب كقوله تعالىومن لم يطعمه } [البقرة: 249] - أَى الماء فإِنه منى، وقيل نزلت الآية في الرد على الذين أَرادوا الترهب وقد مر ذكرهم { إِذَا ما اتَّقَوْا } نزل تحريمه عليهم { وآمَنُوا } وثبتوا على الإِيمان، أَو ازدادوا إِيماناً { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } ثبتوا على عملها، أَو ازدادوا منها { ثُمَّ اتَّقَوْا } ما حرم بعد، وهم أَحياء كالخمر والميسر { وآمَنُوا } بتحريمه { ثُمَّ اتَّقَوْا } داموا على اتقائهما واتقاءَ سائر المعاصى، والجناح في ترك الاتقاء والإِيمان وعمل الصالحات لا فى تناول المباح عند الترك لذلك، فقوله إِذا ما اتقوا إِلخ لم يذكر لتقييد نفى الجناح عنهم بتحقق الإِيمان والتقوى والعمل الصالح، بل ذكر لمدحهم فإِنه تم جواب سؤال: كيف حال إِخواننا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر ويأْكلون الميسر فى قوله طعموا بدليل { وَأَحْسَنُوا واللهُ يُحِبُّ المحْسِنينَ } فإِنه لا يناسب الختم به كون قوله إِذا ما اتقوا إِلخ قيد نفى الجناح بتحقيق الإِيمان وما بعده، ويحتمل أَن يكون التكرير باعتبار ما قبل زمان تحريم الخمر والميسر وزمان تحريمهما وما بعد تحريمهما، أَو زمان الشباب وزمان الكهولة وزمان الشيخوخة، أَو زمان ابتداء الإِيمان وزمان الوفاة وما بينهما. والمراد أَحسنوا على الاستمرار والثبات على الاتقاءِ، والترتيب في ذلك باعتبار الزمان، ويجوز أَن يكون باعتبار الرتبة؛ لأَن الثبوت على الشئ فوق إِحداثه قال:

السابقالتالي
2 3