الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَىٰ ٱللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ } قيل هم النسطورية والملكانية من النصارى، وقيل النسطورية والمرقوسية، والاخران عيسى وأَمه، وكل من الثلاثة إِله بزعمهم والأُلوهية مشتركة بينهم كما قال الله عز وجلأَأَنت قلت للناس اتخذوني وأَمى إِلهين من دون الله } [المائدة: 116] وقيل زعموا لعنهم الله أَن الإِله جوهر واحد مركب من ثلاثة أَقانيم الأَب والابن وروح القدس وأَن هذه الثلاثة إِله واحد كما أَن الشمس مركبة من قرص وشعاع وحرارة، وعنوا بالأَب الذات وقيل الوجود وبالابن كلام الله وبالروح الحياة، ومنهم لعنهم الله من زعم أَن الحياة تتجسم وأَن هذا الكلام اختلط بجسد عيسى اختلاط الماء باللبن وأَن الأَب إِله والابن إِله والروح إِله والكل إِله واحد، ولزمهم الحدوث لأَن المركب حادث والحادث يعجز ويجهل ويحتاج إِلى غير ذلك من صفات الخالق تعالى الله. ومن النصارى من هو موحد مثلنا ولا يقبل توحيدهم وعملهم لكفرهم بالنبى صلى الله عليه وسلم والقرآن { وَمَا مِنْ إِلهٍ إِلاَّ إِلهٌ وَاحِدٌ } ظاهر هذا الكلام في العرف أَنه لا يوجد إِله إِلا وهو واحد فتثبت آلهة إِلا أَنه كل واحد لا إِله معه بل هو واحد، وهو متناقض فبان أَنه ليس ذلك مراداً بل المراد أَن الإِله كائنا من كان لا يوجد له شريك في الأُلوهية يوجد الخلق ويستحق العبادة، أَو لا إِله في الوجود ولا فى الإِمكان غير إِله لا يقبل الشركة وهو الله عز وجل { وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ } من أَنواع الإِشراك كالتثليث وكون الله هو المسيح { لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ } نار الآخرة والقتل والأَسر والجزية، ومن للبيان أَى ليمسن الذين كفروا وهم هؤلاءِ الذين لم ينتهوا أَو النصارى: ومقتضى الظاهر ليمسنهم ووضع الظاهر موضع المضمر ليصفهم بالكفر مرة بعد أخرى ولينبه على أَن العذاب مترتب على عدم الانتهاءِ أَو من للتبعيض تحرزا عن البعض الذى تاب وانتهى كما قال:

{ أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ } أَلا ينتهون فيتوبون عن تلك العقائد الزائغة وما ينشأ عنها من الأَقوال والأَفعال الباطنة، والاستفهام تعجيب من إِصرارهم وتوبيخهم وإِنكار لأَن يليق ذلك فيقولوا لا إِله إِلا الله اللهم اغفر لنا كما قال { وَيَسْتَغْفِرُونَهُ واللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } يغفر للتائب ويتفضل عليه، ومن هذا فعله وهو قادر كيف لا يتاب إِليه.