الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ ٱلْمَسِيحُ يَابَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ }

{ لَقَدْ كَفَرَ } أَشرك { الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ } نزلت فيه الأُلوهية من الله فيبقى الله غير إِله أَو ناقص الأُلوهية ولا يخفى خطؤهم فإِن الصفات القديمة لا يتحملها حادث والصفات الذاتية لا يتصف بها غير من هى له، ولا سيما أَن صفات الله هو بمعنى أَنها ليست شيئا آخر زائداً عليه مقترنه ولا حالة به سبحان الله عما يقوله المبطلون، وفى ذكر مريم تشنيع عليهم بأَن المولود لا يكون إِلها وأَن مريم ولدت إِلها { وَقَالَ المسِيحُ يَا بَنِى إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبّى وَرَبَّكُمْ } فإِنى عبد من عبيده أَعبده ولست بإِله. أَرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا إِلى الجلندى بعمان فقال له قبل تبليغ الرسالة إِليه هل تعلم أَن عيسى يصلى لله سبحانه فقال نعم فقال فإِنى أَدعوك إِلى عبادة من يعبده عيسى { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ } غيره في العبادة أَو في الصفة أَو فى الفعل أَو فْى نفى ما هو له منه وهذا تصريح بأَن من قال عيسى إِله فهو مشرك { فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجنَّةَ } قضى الله أَن لا يدخلها، شبه قضاءَه بعدم الدخول بمنع من لو خلى لدخل دارا منع من دخولها فإِنه ليس في طاقة الإِنسان أَن يذهب إِلى الجنة باختياره حتى يأْتى بابها فيمنعه البواب، والتحريم لغوى ولك أَن تقول شرعى بطريق المجاز المرسل أَو الاستعارة، فإِن تحريم الشيءِ سبب لعدم مقارنته وملزوم لعدمها والتحريم شبيه بالمنع الحسى { ومَأْوَاهُ النَّارُ } فإِن الجنة مأْوى من يوحد ويعمل الصالحات ويتقى المحارم { وَمَا لِلظَّالِمينَ مِنْ أَنْصارٍ } أَى مانعين العذاب عنهم من أَول أَو مزيلين له بعد وقوعه بمغالبة أَو شفاعة، وهذا من كلام المسيح، وقيل من كلام الله وقيل قوله إِنه من يشرك إِلى قوله أَنصار من كلام الله، والراجح أَن ذلك من كلام عيسى وذلك من مقابلة الجمع بالجمع فرد لفرد كأَنه قيل وما لظالم نصير. قل هذا ولا تقل صيغة الجمع للاشعار بأَن نصرة الواحد أَمر غير محتاج إِلى التعرض لنفيه لشدة ظهوره وأَنه إِنما ينبغى التعرض لنفى نصرة الجمع. ومقتضى الظاهر وما لهم من ناصرين أَى لمن يشرك بالله، وأَظهر ليصفهم بالظلم فمن قال إِن الله هو المسيح لا ينصره عيسى ولا غيره بل يعاديه عيسى وغيره من المسلمين والحيوانات والجمادات فما ينفعه التقرب بذلك إِلى عيسى، وإِذا لم تنصرهم الجماعة فأَولى أَن لا ينصرهم الفرد، وقيل الجمع رد لقولهم إِن لهم أَنصارا كثيرة.