الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئُونَ وَٱلنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا } بأَلسنتهم وقيل مطلقا فيراد بالإِيمان على الأَول فى قوله من آمن الإِيمان المخلص السابق المستمر والمخلص الحادث جميعا بين الحقيقة والمجاز وحملا على عموم المجاز، كذا قيل، قلت: بل حقيقة لأَنَّ حاصله ثبوت الإِيمان المخلص هكذا سبق واستمر أَو حدث { والَّذِينَ هَادُوا والصَّابِئُونَ } قلبت الهمزة ياءً فثقلت عليها الضمة فحذفت لثقلها وضمت الباء الموحدة أَو نقلت للباء وحذفت الباء لالتقاء الساكنين أَو هو من صبا بالألف يصبو بالواو قلبت ياءً كذلك وهو مبتدأ عطف عليه بقوله { والنَّصَارَى } وخبره جملة قوله { مَنْ آمَنَ } منهم { بِاللهِ واليَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحزَنُونَ } في الآخرة، وخبر إِن محذوف يقدر مثل هذا قبل قوله والصابئون، أَو هذا خبر إِن وخبر الصابئون يقدر هكذا والصابئون والنصارى كذلك، وقال الكسائى: معطوف على واو هادوا ويعترض عليه فإِنه لا يعطف على ضمير الرفع المتصل بلا فصل ولعل الكسائي أَجازه لكن إِجازته ضعيفة، ويرده أَن الصابئين على ذلك يهود، وقد بعض والذين هم الصابئون بحذف الوصول وصدر الصلة وقيل الرفع عطف على محل إِن واسمها، ويرده عدم استقامة المعنى وتوارد عاملين هما إِن والابتداء أَو إِن والمبتدأ على معمول واحد وهو الخبر، وقيل إِن بمعنى نعم فكل ما بعدها مرفوع، ويرده أَنه لا يوجد ما تكون له جوابا إِلا بتكلف وحذف ولا تكون أَول الكلام ولا شئَ فى القرآن يصح أَن تكون فيه إِن بمعنى نعم أَو يترجح، وإِنما صح أَن يكون الصابئون من أَهل الجنة باعتبار أَنهم جمعوا نوافل ومصالح من التوراة والإِنجيل وأَدوا ما وجب وتركوا ما حرم، أَما لو تركوا فرضا أَو عملوا محرما فلا، وذلك قبل البعثه وأَما بعدها فكل يهودى أَو صابئ أَو نصرانى في النار إِلا إِن آمن به صلى الله عليه وسلم واتبعه أَو لم يبلغه خبره وكان على دين غير منسوخ أَو على دين منسوخ لم يبلغه نسخه. روى أَبو هريرة عنه صلى الله عليه وسلم " والذي نفس محمد بيده لا يسمع بى أَحد من هذه الأُمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذى أرسلت به إِلا كان من أَصحاب النار " ، وشهر أَن الصابئين خرجوا عن دين اليهود والنصارى وعبدوا الملائكة وهم في النار إِلا من تاب، ووجدت في نسخة عتيقة للسيوطى وفي أُخرى بالغالب أَن إِدريس عليه السلام حمل الناس على دين الصابئين وهو التوحيد والطهارة والصلاة والصوم وعبادات الله عز وجل وأَنه عم الأَرض بالتوحيد. وقيل الصابئين نسب إلى صابئ بن متوشلخ بن إدريس وكان على دين الإِسلام، وقيل إِلى الصابئ بن ملوى في عصر الخليل عليه السلام قلت: لا إِشكال في ذلك لأَن الصابئة الكفرة ينتسبون إِلى الصابئ المسلم.