الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ }

{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } لا تخف لومة لائم ولا مكروهاً ولا تراقب أَحداً، والمراد ما أَنزل للتبليغ لمصالح الناس دينا ودنيا لا ما يحرم إِفشاؤه أَو مالا خير فيه، فعن جعفر الصادق في قوله تعالى:فأَوحى إِلى عبده ما أَوحى } [النجم: 10]. إِنه أَوحى إِليه في قلبه بلا واسطة ولا يعلم به أَحد إِلا حين يعطيه الشفاعة، وقبح الله الشيعة إذ قالوا: كتم البعض تقية، ويرده: { والله يعصمك من الناس } ، وقد قال الله تعالىتبيانا لكل شيء } [النحل: 89] وقال ما فرطنا إلخ، فقول ما فى السنة أَخذه النبى صلى الله عليه وسلم من القرآن إِذا لم ينزل به وحى أَو هو فيه ولو نزل به وحى على حدة، ويحتمل قلته قول عائشة رضى الله عنها أَنه صلى الله عليه وسلم قال: " لا إِحلال ولا إِحرام إِلا ما فى القرآن " ، قال ابن مسعود: ذكر لنا في القرآن كل شى إِلا أَن علمنا يقصر. والمراد أَن القرآن محل الاستنباط، وقد خرج بعضهم عمره صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين سنة من قوله تعالى: ولن يؤخر الله نفسا إلخ في سورة هى رأَس ثلاث وستين سورة. { وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ } بل تركت بعضا { فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } لأَن تارك بعض كتارك كل فكأَنك لم تبلغ شيئا لارتباط بعض ببعض إِذ كانت كشئ واحد أَمر بتبليغها كلها فترك بعض كترك ركن من أَركان الصلاة، أَو إِن لم تفعل التبليغ بأَن تركت ما تركت عوقبت لأَنك لم تبلغ رسالته فنابت العلة مناب الجواب، وهو فى صورة تهديد، كأَنه قيل تهيأَ لشأْن ما اقترفت من عدم التبليغ، كما روى عنه صلى الله عليه وسلم: " إِن الله بعثنى برسالته فضقت بها ذرعاً فأَوحى الله إِلى إِن لم تبلغ رسالتى عذبتك فضمن لى العصمة فقويت " عن ابن عباس: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَى آية أَنزلت من السماءِ أَشد عليك؟ فقال " كنت بمنى أَيام موسم فنزل على يا أَيها الرسول بلغ ما أَنزل الآية فناديت عند العقبة أَيها الناس من ينصرني على أَن أبلغ رسالات ربى ولكم الجنة، أَيها الناس قولوا لا إله إِلا الله وأَنا رسول الله إِليكم تفلحوا ولكم الجنة، فما بقى رجل ولا امرأَة ولا أَمة ولا صبى إِلا رمونى بالتراب والحجارة ويقولون كذاب صابئ فعرض على عارض فقال: يا محمد إِن كنت رسول الله فقد آن لك أَن تدعو عليهم كنوح، فقلت: اللهم اهد قومى فإِنهم لا يعلمون، وانصرنى عليهم أَن يجيبونى إِلى طاعتك فجاءَ العباس فطردهم وأَنقذني منهم " { وَاللهُ يعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } لا يصلك منهم ضرب ولا قتل ولا سحر ولا ما يمنعك من التبليغ وهذا بعد ما سحر فى مشط ومشاطة وأَطعم لحما مسموما وشج يوم أُحد وكسرت رباعيته.

السابقالتالي
2