الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَٰهُمْ جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ }

{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الكِتَابِ } التوراة والإِنجيل فالمتبادر أَن أَهل الكتاب اليهود والنصارى، ويحتمل اليهود لأَن الكلام فيهم وهم مخاطبون بالإِنجيل كالتوراة { آمَنُوا } بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاءَ به وهو يتضمن الإِيمان بالأَنبياء والكتب كلها، فأَهل الكتاب مشركون إِذا لم يؤمنوا به، فلا يدخلون الجنة. أَو ولو أَن أَهل الكتاب آمنوا بجميع الرسل والكتب { وَاتَّقَوْا } إِيقاد الحرب والسعى فساداً والإِلحاد فى صفات الله وأَفعاله وأَكل السحت وغير ذلك مما هو معصية فعلا أَو تركا { لَكَفَّرنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } نسقطها عنهم فلا نؤاخذهم بها فهذه تحلية وهى طرح المضرة { وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ } هذه تحلية أُخرى على ما هو الأَصل ولا شك أَن التوحيد مكفر لما قبله حال الشرك، والآية لم تخرج عن ذلك، أَما من حيى بعد إِسلامه حتى وقع عليه تكليف بفعل أَو ترك ففعل الواجب وترك المحرم فقد اتقى، ومن أَسلم ومات قبل ذلك فقد اتقى بمعنى أَنه انتفى عنه فعل ما نهى عنه وترك ما أمر به فلفظ اتقوا شامل لهما على أَنه من عموم المجاز أَو المراد فى الآية من حيى فيعلم غيره كذلك إِلحاقاً، بل من مات بعد التوحيد وقبل ذلك فقد آمن واتقى الشرك فشملته الآية بلا عموم مجاز إِذ قد فعل ما كلف به فى الحال، ولا يكتفى بذلك فيمن حيى إِلى ذلك لأَدلة وجوب العمل الصالح والتقوى مع الإِيمان فيمن أَسلم من شرك وفيمن إِسلامه أَصيل. قال مالك بن دينار رحمه الله: جنات الفردوس وجنات عدن جنتان عظيمتان بينهما جنة النعيم أَفضل منهما فيها جوار خلقن من ورد الجنة، قيل: فمن يسكنها؟ قال: الذين إِذا هموا بالمعاصى ذكروا عظمة الله سبحانه وتعالى فتركوا المعاصي، ماتت النوار زوج الفرزدق فصلى عليها الحسن ووقف الناس فقال: ما تنتظرون؟ فقال الفرزدق: ينتظرون شر الناس، يعنى نفسه، وخير الناس -يعنى الحسن- فقال الحسن لستَ بشرهم ولستُ بخيرهم ولكن ما أَعددت لهذا اليوم فقال شهادة أَن لا إِله إلا الله سبعين سنة، توهم أَن التوحيد يكفى، فقال الحسن: هذا العمود فأَين الأَطناب يعنى التوحيد كعمود الخيمة لا ينتفع به دون العمل والتقوى كما لا ينتفع بالخيمة دون الأَطناب.