الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَرَىٰ كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ ٱلسُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ ٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ ٱلإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ ٱلسُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } * { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا ٱللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ }

{ وَتَرَى } تعلم أَو تشاهد وهو أَنسب لظهور حالهم { كَثِيراً مِنْهُمْ } من المنافقين أَو اليهود { يُسَارِعُونَ } أَصله المسارعة في الخير ففيه المبالغة بأَنهم رغبوا في الشر كأَنه خير يتسابق إِليه { في الإِثمِ } الذنب ويقال الكذب لقوله { عن قولهم الإِثم } وقيل الإِثم الحرام وقيل الكذب بقولهم آمنا إِخبارا كان أَو إِنشاء إِلا أنه إِن كان إِنشاء فالكذب باعتبار تضمنه الإِخبار بحصول صفة الإِيمان وقيل الإِثم الكفر مطلقا { والعُدْوَانِ } الذنب بينهم وبين الخلق أَو خصوص الذنب المجاوز للحد { وَأَكْلِهُمُ السُّحْتَ } الحرام كالرشا وما يؤكل على الدين وعلى إِفساده، والربا وعطفه تخصيص بعد تعميم { لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلونَ } هو المسارعة في الإِثم والعدوان وأَكل السحت..

{ لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ } تحضيض على النهى { الرَّبَّانيوُّنَ } العباد { والأَحْبَارُ } العلماء، ومر كلام فيهما وهما من اليهود لأَن الكلام فيهم، وقيل الربانيون علماءِ النصارى والأَحبار علماء اليهود ولا مانع من أَن يؤمر نصراني بنهى اليهود { عَنْ قَوْلِهِمُ الإثْمَ } نصب المفرد بالقول اعتباراً لمعنى الذكر أَى عن ذكرهم الإِثم أَو لكونه بمعنى الجملة أَى عن قولهم: القرآن غير حق، أَو محمد غير رسول، أَو ليس في التوراة كذا وهو فيها، أَو معناه كذا وليس كذلك، أَو فيها كذا وليس فيها، وليس بمعنى المقول وإِلا لم ينصب المفرد مفعولا { وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ } والله لبئس أَو اللام للابتداء لشبه الفعل بالاسم لجموده { مَا كَانُوا } أَى الربانيون والأَحبار { يَصْنَعُونَ } من ترك النهى عن المنكر وترك النهى منهم عن المنكر أَشد من أَكل السحت وقول الإِثم، ولذلك قال يصنعون وهناك يعملون لأَن الصنعة ما كان من تدبير وتفكر وإِبرام فهو راسخ فبرسوخ ترك النهى زاد تركهم إِياه قبحا على قول الإِثم وأَكل السحت وأَيضاً بعلمهم بالله وكتبه يشتد النهى في حقهم عن المنكر فبتركه يشتد القبح، ويؤخذ من الآية الوعيد الشديد على من ترك النهى من علماء هذه الأُمة كما قال ابن عباس والضحاك: ما فى فى القرآن أَشد على العلماء من هذه الآية، وأيضاً المعصية لذة للعاصى ولا لذة في ترك النهى فكيف يترك فتاركه أَقبح. وأيضاً يجترئ الناس على تلك المعصية وغيرها إِذا ترك النهى فيزداد ذنب تارك النهى، ولما كذب اليهود صلى الله عليه وسلم كف عنهم ما كان مبسوطاً عندهم من النعم، وكانوا قبل ذلك أَكثر الناس مالا ونعمة فقال فنحاص بن عازوراءَ رأس يهود قينقاع أَو النباش بن قيس روايتان عن ابن عباس { يد الله مغلولة } ورضى بقوله اليهود ولم ينهوه، فكلهم قالوا فنزل قوله تعالى:

{ وقالت الَيهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ } مقبوضة عن توسيع الرزق قبضها وهو كناية عن البخل أَو عن مطلق المنع أَو مجاز استعارى، والكناية لا يلزم تحقق كلماتها بل لازمها ولو لم تتحقق كلماتها، أَو عن الفقر تعالى الله عنه كقوله تعالى:

السابقالتالي
2 3