الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيّبَـٰتُ وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِيۤ أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَٰنِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ }

{ اليَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ } كرر ذكر إِحلال الطيبات للتأْكيد، أَو كأَنه قيل: اليوم أُحل لكم الطيبات التى سأَلتم عنها أَو الأَول بيان للحكم والثانى امتنان وذكر لمزيد فضله وليعلم بقاء هذا الحكم بعد تمام الدين، والطيبات المستلذات وهن ما فيه نفع ولو تفاوتت اللذة والنفع مما لم يجىء تحريمه، واليوم يوم أَنزلت الآية هذه أَو اليوم المذكور فى قوله عز وجلاليوم يئس الذين كفروا من دينكم } [المائدة: 3] وقولهاليوم أَكملت لكم دينكم وأَتممت عليكم نعمتى } [المائدة: 3] فالمراد أَنه كما أَكمل الدين وأَتم النعمة بما مر فى محله أَتم النعمة بإِحلال الطيبات وأَنت خبير بأَن الأَولى أَن الأَيام الثلاثة زمان واحد كرر للتأْكيد ولاختلاف الأَحداث الواقعة فيه وهو وقت النزول وما يليه على الاستمرار كما مر وقد يقال عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يقال هذه أَيام فلان أَى هذا زمان ظهوركم وشرع الإِسلام فقد أَكملت بهذا دينكم وأَحللت لكم الطيبات { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ } اليهود والنصارى والصابئين وذلك مذهب الجمهور وقال أَبو يوسف وصاحبه محمد: تجوز ذبيحة من يقرأ الكتاب منهم كالزبور ويعبد الملائكة لا من لا يقرؤه منهم ويعبد النجوم وهو حسن، وينبغى حمل كلام أَصحابناعليه إِذ لا كتاب لهذا النوع فكيف يحكم لهم بحكم أَهل الكتاب. { حِلٌّ لَكُمْ } وطعامهم ذبائحهم وسائر أَطعمتهم، كما أَنه صلى الله عليه وسلم والصحابة يأْكلون طعام أَهل الشام ويلبسون ثيابهم وهم روم متنصرون، وطعام خيبر والنضير ونحوهما وأَهلها يهود وليسوا يعطون الجزية يومئذ، وبإِطلاق الآية، وما ذكر تمسك من أَباح ذبائح أَهل الكتاب وطعامهم وبللهم ولو حربيين، واشترط جمهور أَصحابنا لإِباحة ذلك إِعطاء الجزية، وجمهور الأُمة على حل ذبائحهم ولو ذبحوا على اسم عيسى أَو عزيرا ولم يختتنوا لأَن الله جل وعلا قد علم ذلك منهم فأَباحها لنا، وقال الحسن: إِن ذكروا غير الله بحضرتك على ذبيحة فلا تأكلها وكل ما لم تحضرها، وقال ابن عباس أَنه لا تحل ذبائح من يذبح على اسم عيسى أَو غيره لإِطلاق الآية الأُخرى تحريم ما أَهل به لغير الله والجمهور على أَن ذكر أَهل الكتاب تعميما لأَحوالهم تخصيص من تحريم ما أُهل به لغير الله عز وجل، ولا يحل ذبائح من تمسك بصحف إبراهيم عليه السلام وترك التوراة والإِنجيل ولا ذبائح المجوس ونسائهم لقوله صلى الله عليه وسلم: " سنوا بهم سنة أَهل الكتاب " ، أَى فى الجزية خاصة كما صرحت به رواية، وروى البيهقى وعبد الرزاق قبله عن الحسن بن محمد بن على: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلى مجوس هجر من أَسلم قبل ومن أَصر منهم ضربت عليه الجزية غير ناكح نساءَهم، وفى رواية ولا محلى ذبائحهم، ولا تحل ذبائح نصارى العرب كتغلب أَو يهود العرب، قال على: لا تحل ذبائح نصارى تغلب لأَنهم لم يأخذوا عن النصرانية إِلا شرب الخمر، ومفهومه أَنه تجوز ذبائح من تنصر من العرب وتدين بالإِنجيل ولو خالف فى بعض أَو جل، وتجوز عند الحنفية مطلقاً وقيل لا تجوز ذبيحة من تنصر أَو تهود من العرب بعد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأَباح ابن عباس وأَبو حنيفة ذبائح نصارى العرب والذبائح تابعة للنكاح، وقالت الإِمامية من الشيعة وجماعة من الزيدية أَنه لا تحل ذبائح أَهل الكتاب وأَن الطعام فى الآية غير الذبائح وذلك خطأ.

السابقالتالي
2 3