الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُ فَكُلُواْ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

{ يَسْأَلُونَكَ } بعد بيان المحرمات لهم عن المحللات، والواو للمسلمين، سأَله عاصم ابن عدى وسعد بن خيثمة وعويمر بن ساعدة أَو عدى بن حاتم وزيد بن المهلهل الطائيان، أَو كلهم، والمضارع لحكاية الحال الماضية أَو للاستمرار على الحرص على مضمون السؤال ولو لم يتعدد السؤال. قال أَبو رافع: جاءَ جبريل إِلى النبى صلى الله عليه وسلم فاستأَذن عليه فأَذن له. فأَبطأَ فأَخذ رداءَه فخرج إِليه وهو قائم بالباب. فقال صلى الله عليه وسلم: " قد أَذنا لك " ، قال: أَجل لكنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة، فنظر فإذا فى بعض بيوتهم جرو، قال أَبو رافع: فأَمرنى صلى الله عليه وسلم أَن أَقتل كل كلب بالمدينة ففعلت وجاءَ الناس فقالوا: يا رسول الله، ماذا يحل لنا من هذه الأُمة التى أَمرت بقتلها؟ فسكت صلى الله عليه وسلم فنزل قوله تعالى: يسأَلونك..إِلخ، والمسئول ما أَحل من المطاعم والمآكل كما يناسب الكلام السابق وقيل: ما أُحل من الصيد والذبائح، ويجوز أَن يراد الكل. { مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ } من الحيوان وغيره، الهاء جارية على ذكرهم بواو الغيبة ولو ذكر سؤالهم على ما لفظوا به لقال: ماذا أَحل لنا، والجملة مفعول يسأَلون لتضمنه معنى يقولون، وعندى أَن السؤال يعلق عن التعدى بعن ويسلط على الجمل كأَفعال القلوب، لأَنه سبب للعلم فيعلق كما يعلق العلم، وقيل: ليس السؤال استفهاما بل طلب كطلب العطاءِ، وأَن المعنى يطلبون منك جواب هذا اللفظ الذى هو قولهم ماذا أَحل لهم. { قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ } ولو قال: قل أُحل لهم نظير الغيبة هنا وما بعده لجاز فيناسب الغيبة فى يسأَلون لكن خاطب مراعاة لكونه صلى الله عيه وسلم يخاطبهم، والطيبات المستلذات هنا، وكل ما فيه نفع ولا يضر فهو مستلذ ولو تفاوتت اللذات، وليس المراد بالطيبات المحللات وإِلا صار المعنى: قل أُحل لكم المحللات وهو ركيك لرجوعه إلى تحصيل الحاصل أَو الدور، أَى أُحل لكم ما علمتم أَنه حلال، ويقال: المعنى ما لم تستخبثه طبائع العرب السليمة وما لم يدل نص أَو قياس على حرمته لأَنه داخل فى عموم قوله تعالى:هو الذى خلق لكم ما فى الأَرض جميعا } [البقرة: 29]، وقد خرج من عمومه ما حرمه القرآن أَو الحديث، ولو حملنا الطيبات على المستلذات لخص منها ما حرم القرآن أَو السنة، وأَما ما يستخبثه الطبع السليم فحرام. وعندى لا يصح هذا لأَنه صلى الله عليه وسلم أَسلم العرب والعجم طبعا وقد استخبث طبعه الضب حتى بزق، مع نصه أَنه حلال، وعبارة بعضهم ما أَذن الله سحانه فى أَكله من المأَكولات والذبائح والصَّيد، وقيل مالم يرد بتحريمه نص أَو قياس، ودخل فيه المجمع عليه الذى لم نطلع على ما استند إِليه.

السابقالتالي
2 3 4