الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَيْ ءَادَمَ بِٱلْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } * { لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } * { إِنِّيۤ أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّالِمِينَ } * { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي ٱلأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـٰذَا ٱلْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلنَّادِمِينَ } * { مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي ٱلأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِٱلّبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ فِي ٱلأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ } * { إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوۤاْ أَوْ يُصَلَّبُوۤاْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ ٱلأَرْضِ ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

{ وَاتْلُ } يا محمد { عَلَيْهِمْ } على قومك أَو على الناس أَو على بنى إِسرائيل تحذيرا من عاقبة السوءِ على الحسد فيترك أَهل الكتاب وغيرهم حسدك على رسالتك وجناية ابن آدم وجناية بنى إِسرائيل متحدثان فى المعصية، وأَيضا تناسبتا بأَنهم جبنوا على القتل وابن آدم اجترأَ عليه والقصة غامضة لا توجد إِلا عند الخاصة فتكون حجة له صلى الله عليه وسلم { نَبَأَ ابْنَىْ آدَمَ } هابيل وقابيل وهو أَكبر بسنتين فالبنوة لآدم بلا واسطة وقيل رجلان من بنى إِسرائيلِ فالبنوة له بوسائط، ويناسبه قوله عز وجل { من أَجل ذلك كتبنا على بنى إِسرائيل } إِلخ. إِلا أَنه يناسب كونهما هابيل وقابيل لأَن قتله هابيل سبب لمفاسد كثيرة { بِالحَقِّ } تلاوة ملتبسة بالحق واتل ملتبسا بالحق أَو نبأَ ابنى آدم ملتبسا بالحق وهو الصدق الموافق لما فى الكتب الأُولى من الحسد وتحريمه، أَوحى الله جل وعلا إِلى آدم أَن زوج قابيل الأَنثى التى اجتمعت مع هابيل فى بطن حواء وهى لبود، أَو زوج هابيل الأُنثى التى كانت مع قابيل فى بطنها فسخط قابيل لأَن التى كانت معه فى البطن أَجمل وأَنهما معا من الجنة، جعل الله عز وجل التخالف بالاجتماع فى البطن بمنزلة افتراق النسب للضرورة فالتي لم تجتمع معه في البطن كأَنها غير أَخته، ويروى أَنها حملت حواء بها فى الجنة وهى إِقليما مع قابيل فى بطن واحد قبل أَن يصيب آدم. الخطيئة، ولم تجد لها وحما ولا وجعا ولا دما وحملت هابيل ولبودا فى الدنيا بوحم ووجع ودم، وقيل حملتهما فى الأَرض بعد مائة سنة وبعدهما هابيل ولبودا فقال لهما آدم قربا فمن قبل قربانه تزوجها وذلك إِزاحة للعلل وإِيضاحا لأَمر الله إِن كان قد أَخبره الله أَنه قضى فى الأَزل يتزوجها لهابيل فلا بد من موافقة القربان له، أَو أَمره بأَن يقربا مع إِيحائه أَن زوجها هابيل وإِلا فالتحكيم لا يجوز بعد حكم الله حاشى آدم عنه، وقيل أَمره الله بذلك وقال لا تحل لك فقال ذلك رأيك لا من الله، وأَمرهما بالقربان وقد علم عليه السلام أَنه لا يقبل من قابيل فقرب هابيل كبشا سمينا ويروى جملا بالجيم ويروى جذعة وكان صاحب ضرع وقابيل قمحا رديئا وكان ذا زرع كما قال الله عز وجل { إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانا } أَى قرب كل واحد قربانا أَو قرب كلاهما قربانا، أَو أَفرد لأَنه مصدر فى ألأَصل يصلح للاثنين وإِذ متعلق بنبأ على تقدير مضاف أَى نبأَ إِذ قربا قربانا، ولا بد من التأْويل لأَن الاخبار لم يقع وقت تقريب القربان { فَتُقُبِّلَ } أَى هو أَى قربان أَو النائب قوله { مِنْ أَحَدِهِما } هو هابيل قبل كبشه أَو جملة بأَن نزلت نار بيضاء فأَكلته أَو حملته إِلى الجنة حتى كان فداء، أو نور فحمله كذلك { وَلَمْ يُتَقَبَّلْ } هو كالأَول { مِنَ الآخَرِ } قابيل لم تنزل النار أَو النور على قمحه إِذ قرب الردىءَ وسخط حكم الله ولم يخلص النية فى قربانه، ويروى أَنه قرب حزمة سنابل القمح الردىء ووجد فيها سنبلة طيبة ففركها وأَكلها وقال: لا أُبالى أَتقبل أَم لا هى أَختى لا يتزوجها غيرى، وهى حرام عليه لأَنها معه فى بطن واحد، وأَضمر هابيل الرضا بما حكم الله.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10