الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ إِنِّي لاۤ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ } * { قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي ٱلأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ }

{ قَالَ رَبِّ } يارب { إِنِّى لاَ أَملِكُ إِلاَّ نفْسِى وَأَخى } لا أَملك غيرهما فأَجبرهم على القتال، يحتمل أَن يكون تشبيه القلة بانفراده وأَخيه، شكا إِلى الله مخالفة قومه له حتى أَنه لم يبق منهم من يثق به سوى أَخيه هارون فانه كنفسه، وأَما يوشع وكالب فهما ثقتان إِل أَنه لم يجزم بهما جزمه بأَخيه لما اعتاد من تلون قومه عامتهم وخاصتهم، ويجوز أَن يريد أخوة الدين وأَن الإِضافة للحقيقة فشملهما وكل من يؤاخيه فى الدين، وهذا ضعيف لأَنه لا يرجو سوى من يؤاخيه فيه، اللهم إِلا أَن يريد الخواص من جملة من يؤاخيه فيه، ويجوز أَن يكون المراد من العطف على معمولى عامل واحد كأَنه قيل وإِن أَخى إِلا يملك إِلا نفسه أَو على معمول عامل كأَنه قيل ولا يملك أَخى إِلا نفسه، أَو وأَخى لا يملك إِلا نفسه بالابتداءِ والإِخبار، والماصدق فى ذلك كله واحد، وعلى كل حال سمى التوثيق بشىءِ ملكا لأَنه يستعمله كما يستعمل مملوكه حيث شاءَ { فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ القَوْمِ الفَاسِقِينَ } بما يستحق كل منهم ومنا بإِدخالنا الجنة وبادخالهم النار، قيل وبالتبعيد بيننا وبينهم وتخليصنا من صحبتهم، وهذا يقضى أَن موسى وهارون لم يكونا معهم فى التيه لأَنه دعا بالتخليص منهم ودعاء الأَنبياء يستجاب، والصحيح أَنهما فى التيه وليس كل دعاءِ نبى يستجاب فى نفس ما دعا فيه، أَو الفرق بجزاءِ كل بما استحق فعاقبهم بالتيه وسهله لهما وللرجلين كما سهل النار على إِبراهيم وماتا فيه على الصحيح، مات هارون قبله بسنة وقيل بستة أَشهر ونصف وقيل بثمانية أَعوام واتهموا موسى بقتله لحبهم له فتضرع إِلى الله فأَحياه فبرأَه فرجع ميتا، وخرج كالب ويوشع وهو وصية فى قتال الجبارين وأَخبرهم أَنه نبىءِ بعد أَربعين سنة وفتحا بيت المقدس أَو كل الشام بعده بثلاثة أَشهر، وقال قتادة بشهرين وقيل: مات فيه هارون وخرج موسى بعد الأَربعين وحارب الجبابرة وفتح أَريحاءَ ويوشع مقدمته، وأَقام فيها ستة أَشهر وفتحها فى السابع ومات فيها ولا يعلم قبره، وصحح هذا القول بعض. { قَالَ فَإِنَّها } الفاء عاطفة على افرق عطف اسمية إِخبارية على طلبية فعلية أَو على محذوفة أَى دعاءك مجاب فإنها { مُحَرَّمَةٌ } تحريم منع لا تحريم تعبد فلو دخلوها لم يعصوا لكن لا يتصور حصوله لأَن الله عز وجل لا يوقعه، وأُجيز أَن يكون تحريم تعبد فلو دخلوها لعصوا ولا يتصور { عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً } هذا دليل على أَن مراد موسى بالفرق؛ الفرق فى الدنيا لأَنه دعا ودعاء الأَنبياء مجاب، والأَصل فى الإِجابة طبق السؤال، وبعد الأَربعين يدخلها من حيى منهم، فالآية دلت أَن هؤلاءِ الفاسقين لم تموتوا كلهم فى التيه بل مات بعض وبقى وبعض، وقد روى هذا وأَن موسى خرج بمن بقى منهم وبأَولادهم وفتح القرية ومقدمته مع يوشع وهو أَنسب بقوله

السابقالتالي
2