الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ ٱللَّهُ هَـٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ ٱلصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

{ قَالَ اللهُ } يقول الله، فالماضى لتحقق الوقوع { هَذَا } مفعول للقول لأَنه إِشارة إِلى الجملة وهى قولهيا عيسى ابن مريم أَأَنت قلت للناس اتخذونى وأُمى إِلهين من دون الله } [المائدة: 116] { يَوْمَ } متعلق، يقال أَعاد ذكر الجملة ليرتب عليها قوله { يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ } قولا وفعلا واعتقادا فى الدنيا كعيسى فإِن ما أَخبر به عن نفسه يوم القيامة إِخبار عما صدق به فى الدنيا، أَو من صدق فى الآخرة لم ينفعه صدقه إِن لم يصدق فى الدنيا، هذا كما تؤمن الكفار فى الآخرة ويقولون الحق ولا ينفعهم، ومن ذلك قول إِبليسإِن الله وعدكم وعد الحق } [إبراهيم: 22] الآية { صِدْقُهُمْ } إِلخ، أَو المعنى يقول الله يوم القيامة هذا اليوم يوم ينفع الصادقين صدقهم، وبنى يوم على الفتح لإِضافته للجملة في قراءَة نافع وهو جائز، ولو كان الفعل معرباً أَجازه الكوفيون وابن مالك، أَو المعنى يقول الله ينفع إِلخ، فالفتح إِعراب، بيَّن النفع بقوله { لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبداً رَضِىَ اللهُ عَنْهُمْ } أَى عليهم، أَى أَعطاهم، أَو عن لمجاوزه ضد الرضى عنهم، ورضاه قبوله لأَعمالهم أَو إثابته لهم أَو علمه بأَنهم سعداء، أَو إِسعاده إِياهم أَو مدحه لهم { وَرَضُوا عَنْهُ } عملوا بما أَمرهم به وانتهوا عما نهى، أَو قبلوا أَحكامه ولم يسخطوها، لم يكرهوا ما يجرى، شق عليهم فصبروا أَو لم يشق عليهم اختياراً لما لله عما لهم، قال الجنيد: الرضى يكون على قدر قوة العلم والرسوخ فى المعرفة، والرضى حال يصحب العبد فى الدنيا والآخرة وليس محله محل الخوف والرجاء والصبر والإشفاق وسائر الأَحوال التى تزول عن العبد فى الآخرة، قال: بل العبد يتنعم فى الآخرة بالرضى ويسأَل الله الرضى فيوحى إِليهم: رضائى أَحلكم دارى، قال محمد ابن الفضل: الروح والراحة فى الرضى، واليقين والرضى باب الله الأَعظم ومحل استراحة العابدين { ذَلِكَ } أَى جميع ما تقدم عند الحسن، أَو ذلك المذكور من نيل الرضوان { الفَوْزُ العَظِيمُ }.