الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهْتَدَيْتُمْ إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } لهؤلاء الكفرة المفترين على الله الكذب وللأَكثر الذين لا يعقلون { تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ } يخبرنا بما أَنزل الله ويبينه لنا وبما نفعل وما نترك { قَالُوا حَسْبُنَا } كافينا، مبتدأ كما دخلت عليه أَن فى قوله تعالى فإِن حسبك الله { مَا وَجَدْنَا } من الدين { عَلَيْهِ آبَاءَنَا } لا سند لهم غير التقليد لآبائهم بالغوا فيه { أَوَ لَوْ كَانَ } أَحسبهم ما وجدوا عليه آباءَهم ولو كان { آباؤُهُمْ } أَو يقولون ذلك ولو كان آباؤهم { لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً } من الدين { وَلاَ يَهْتَدُونَ } إِلى الصواب، وهم ضالون لا يعرفون شيئاً من دين الله بعنوان أَنه دين الله ولا يهتدون إِلى الحق ولو بلا علم أَنه من الله، هنا ما وجدنا وفى البقرة ما أَلفينا، وهنا لا يعلمون وفى البقرة لا يعقلون، لارتكاب فنون في التعبير، أَو أَحسبهم ذلك أَو أيقولون ذلك ولو لم يكن آباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون، ولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون، والاستفهام إِنكار لصحة ذلك عقلاً وشرعاً، وكان المؤمنون يتحسرون على عدم إِيمان الكفرة، ويتمنون إِيمانهم وكان الرجل إِذا أَسلم قالوا: سفهت آباءَك وعنفوه، فنزل قوله تعالى:

{ يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ } الزموا أَنفسكم واحفظوها، ولفظ عليكم جار ومجرور والجار في المحل وهو اسم فعل { لاَ يَضُرُّكُمْ } قيل مجزوم فى جواب الأَمر، والمشهور أَن لا يجزم ولا ينصب فى جواب اسم الفعل، إِلا أَن قراءَة لا يضر بضم الضاد وقراءَة كسرها وإِسكان الراء فيهما تدلان على الجزم في جوابه، وتحمل عليه قراءَة الضم والشد، فالضم للتخلص من الساكنين أَو الجزم فى ذلك كله على النهى أَو الرفع استئناف أَو تعليل { مَنْ ضَلَّ } أَى لا يضركم ضلال من ضل من عصاة المؤمنين، أَو من أَهل الكتاب { إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } بمجانبة الضلال والإصرار، ومنها أَن ينكر المنكر بحسب طاقته فانتفاء الضر بالنهى منكم عن الضلال فلا يقبل، أَو المعنى لا تهلك حسرة على كفر الكفرة، أَولا أَمر ولا نهى عليك إِذا كان فيهما فساد. أَو اثبت على الإِيمان ولا تبال بقول الكفرة لمن أَسلم سفهت آباءَك، واحفظوا أَهل دينكم وانصروهم، ومرجع معصية الكافر عليه لا عليكم، أَو ذلك كله، وقد قيل: إِذا اهتديتم بالأَمر والنهى، وسأَل رجل ابن مسعود رضى الله عنه عن الآية، فقال: هى فيما إِذا أَمرت: أَو نهيت فعل بك كذا وكذا أَو لم يقبل منك، وسئل ابن عمر فقال: ليست فيكم إِنما هى لمن بعدكم إِذا لم يقبل عنهم فإِن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليبلغ الشاهد الغائب فنحن الشهود وأَنتم الغيب "

السابقالتالي
2