الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوۤاْ أَن تُصِيبُواْ قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }

{ يا أيُّها الَّذين آمنُوا } شامل للنبى صلى الله عليه وسلم وكاملى الايمان، والنداء لتأكيد التبيين { إن جاءكم فاسقٌ بنبأ } بخبر { فتبيَّنُوا } اطلبُوا البيان بالشهادة العادلة ولو بثقة واحد عدل، وذلك نهى عن العجلة، كما قرأ ابن مسعود فتثبتوا بتاء مثناة بعدها ثاء، ولا تقلدوا من هو فاسق تحقيقا، أو يخاف فسقه، فاذا لم يكن عدلا ثقة خيف أن يكون فاسقا، فيجتنب حتى يعلم أنه عدل ثقة، فاذا نهينا عن اتباع الفاسق وجب علينا أن ننظر العدالة.

قال الحارث بن أبى ضرار الخزاعى: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: فدعانى الى الاسلام فأسلمت، والى الزكاة فأقررت بها، وقلت: أدعو اليهما قومى، فمن استجاب جمعت زكاته، فأرسل الىَّ لوقت كذا من يأتيك بها ففعلت وانتظرت رسوله، ولم يأت فقلت لرؤساء قومى: لم يأتنى الرسول، ونبى الله صلى الله عليه وسلم لا يخلف الوعد، وأخاف أن الله تعالى سخط علينا فسرنا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاتنا، وقد بعث صلى الله عيه وسلم الوليد بن عقبة ابن أبى معيط، أخا عثمان لأمه ليقبضها عنا، ولما بلغ بعض الطريق خاف فرجع، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ان الحارث منعنى الزكاة وأراد قتلى، فأرسل إلينا من يقاتلنا، فالتقينا معهم خارج المدينة، فقلنا: الى من؟ قالوا: اليك إذ منعت الزكاة، وأردت قتل الرسول اليك، فقلنا: لا والله، فدخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " منعتم الزكاة، وأردتم قتل رسولي " قلنا، لا والله ما رأيناه، وقد خفت سخط الله تعالى اذ لم يأتنى رسولك فنزل: " يا أيها الذين آمنوا " الآية رواه الطبرانى، وأحمد قبله.

وقيل: أرسل اليهم خالدا بعد قول الوليد، وأعطوه الزكاة، ولم يجيئوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما نزلت الآية قال صلى الله عليه وسلم: " التثبت من الله تعالى والعجلة من الشيطان " روى عبد بن حميد، عن الحسن: أن الوليد بن عقبة، أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ان بنى فلان، وكان بينه وبينهم شىء، ارتدوا، فبعث اليهم خالدا ينظر هل يصلون، فان تركوها فاقتلهم وإلاَّ فلا تعجل، فوافاهم عند الغروب، وكمن وراءهم فرآهم أذنوا وصلوا المغرب، ثم أذنوا للعشاء عند غيوب الشفق، وصلوها، ورجع اليهم فى جوف الليل فرآهم يتهجدون بشىء من القرآن تعلموه، وطلع الفجر فأذنوا وصلوا، فاذا بطوالع الخيل فقيل: هذا خالد فى خيله، قالوا: يا خالد ما شأنك؟ قال أنتم شأنى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكم ارتددتم فجثوا يبكون ويقولون: لا والله، فرد الخيل حتى أتى اليه صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا } الآية.

السابقالتالي
2