الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ ٱلنَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِٱلْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱمْتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ }

{ يا أيُّها الَّذين آمنُوا لا ترفعُوا أصْواتكُم فَوق صَوت النبِّي } أعاد النداء مع قرب النداء قبله، للتأكيد فى النهى عن رفع الصوت فوق صوته صلى الله عليه وسلم، وللتنبيه على أن تحريم ذلك الرفع أمر آخر عظيم يستقل بالاعتناء به، وذكر وجوب أن لا يساووا بأصواتهم صوته صلى الله عليه وسلم، كما يفعل بعضهم ببعض، بل يخفضوا أصواتهم عن صوته وجوبا فى قوله عز وجل: { ولا تَجْهروا له بالقَول كجَهْر بعْضِكُم لبعْضٍ } عقب كلامه ولا فى سكوته، بل دونه كمن يكلم جبارا مهيبا احتراما له، وان خفض صوته فاخفضوا انتم تحت خفضه، وان جهر كثيرا أكثر مما يجهر فى عادته فلا تقتصروا على جهره المعتاد، بل اخفضوا تحت جهره المعتاد، وقي: قوله عز وجل: { لا ترفعوا } فيما اذا نطق ونطقتم، وقوله: { لا تجهروا } فيما اذا سكت وتكلمتم.

قال أبو هريرة عن الصديق، بعد نزول ذلك: والذى أنزل عليك الكتاب يا رسول الله لا أكلمك الا كأخى السرار حتى القى الله تعالى، وفى رواية: يا رسول الله لا أكلمك الا السرار، أو أخا السرار حتى ألقى الله تعالى، وكان رضى الله عنه اذا قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوفود، أرسل اليهم من يعلمهم كيف يكلمونه، صلى الله عليه وسلم، وكيف يسملون، ويأمرهم بالسكينة والوقار، وعن عبد الله بن الزبير: كان عمر اذا تكلم عند النبى صلى الله عليه وسلم لم يسمع كلامه حتى يستفهمه، وذلك كله حذر من الآية، وقيل: المعنى لا تقولوا يا محمد، كما ينادى بعضكم بعضا باسمه، بل قولوا يا نبى الله، أو يا رسول الله، وبحث بأنه لو كان المعنى هذا لقال: لا تخاطبوه كخطاب بعضكم لبعض، ولا يذكر الجهر، وهو ظاهر، وما ذكر من الجهر المنهى عنه فوق صوته، انما هو إذا لم يحتج الى الرفع، أما اذا احتيج اليه فيجوز كما اذا دعت ضرورة، وكما اذا كان بأمره صلى الله عليه وسلم، كما امر العباس يوم حنين أن ينادى: يا أصحاب السمرة، فنادى بأعلى صوته، نادى لغارة أتت يا صباحاه، فأسقطت الحوامل، قيل: يزجر السبع عن الغنم، فتنفق مرارته.

وسئل ابنه عبد الله بن عباس لم لا تنفتق الغنم، فقال: انها الفت صوته، وأيضا انما يشدد الجهر فى الموضع الذى يحتاج الى ذلك، وما اذ دعا الى الرفع والجهر حال قتال فى حضرته صلى الله عليه وسلم، أو جدال كفار، أو منافق، أو ارهاب عدو، او نحو ذلك مما ليس اهانة له صلى الله عليه وسلم، والنهى عن الجهر والرفع محرمان فى حضرته ولو غير خطاب له الا لداع، كما مثلت قبل، وكما اذا كان داخل البيت ونادوه من خارج فى بعيد من الباب، او قريب فيجهروا له: يا رسول الله، أو يا نبى الله، ويعترض عليه بقوله عز وجل:

السابقالتالي
2 3 4