الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }

{ يا أيُّها النَّاسُ إنَّا خلقْناكم مِن ذكرٍ وأنْثَى } آدم وحواء، فأنتم سواء، فكيف يغتاب بعضكم بعضا؟ والمغتاب يريد باغتيابه الترفع على المغتاب، وكيف يترفع عليه وهما أخوان فى الدين؟ وكيف يظن السوء فيه ولا يأخذ حذره عن الظن؟ وكيف يلمزه؟ وكيف يسخر منه:
الناس من قبل التمثيل أكفاء   أبوهم آدم والأم حوَّاء
ومعظم تعلق الآية هو قوله:يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم } [الحجرات: 11] فما مر أولى من قول بعض: الذكر والأنثى أبو كل انسان وأمه، ووجه هذا القول أنكم كلكم قد ولدتكم رجال ونساء، فما وجه الفخر، وقد استويتم، وانما يعتبر التقوى.

{ وجَعَلْناكم شعُوباً } العب بفتح فاسكان الجمع العظيم، المنتسبون الى أصل واحد جامع للقبائل، سميت كأن القبائل تشعبت منها، فهم رءوس القبائل كربيعة ومضر، والأوس والخزرج أسماء لآباء القبائل، وقيل: سموا لتجمعهم، وهو من الأضداد.

{ وقبائل } القبيلة تجمع العمائر، والعمارة بفتح وكسر البطون، والبطن الأفخاذ، والفخذ الفصائل فخزيمة شعب، وكنانة قبيلة وقريش عمارة، وقصى بطن، وهاشم فخذ، والعباس فصيلة، وذلك قول الجمهور، وعبارة بعضهم: القبائل دون الشعوب، كبكر من ربيعة، وتميم من مضر، ودون القبائل العمائر، كشيبان من بكر، ودارم من تميم، ودون العمائر البطون، كبنى غالب ولؤى من قريش، ودون البطون الأفخاذ، كبنى هاشم وبنى أمية من لؤى، ودون الأفخاذ الفصائل، كبنى العباس من بنى هاشم، وبعد ذلك العمائر، وليس بعد العشيرة شىء بوصف.

وعن الكلبى: الشعب، فالقبيلة، فالفصيلة، فالعمارة، فالفخذ، وقيل: الشعوب فى العجم، والقبائل فى العرب، والأسباط فى بنى اسرئيل، قال مسروق: أسلم رجل من الشعب، فكانت تؤخذ منه الجزية، وقيل: الشعوب عرب اليمن من قحطان، والقبائل ربيعة ومضر وسائر عدنان، وقال قتادة ومجاهد والضحاك: الشعب النسب الأبعد، والقبيلة الأقرب، وقيل: الشعوب الموالى، والقبائل العرب، وقيل: الشعوب المنتسبون الى المدائن والقرى، والقبائل العرب الذى ينتسبون الى آبائهم.

{ لِتَعَارفُوا } ليعرف بعضكم بعضا، فتصلوا الأرحام والتوارث والنفقة، لا لتتفاخروا بالآباء والقبائل، والأصل لتتعارفوا فحذفت احدى التاءين، كما قرأ الأعمش بالتاءين، وكما قرأ ابن كثر بشد التاء لادغام احداهما فى الأخرى { إنَّ أكْرمكُم عنْد الله أتقاكم } تعليل جملى، كما قرأ ابن عباس: لتعرفوا أن أكرمكم بتاء واحدة، واسقاط الألف، وكسر الراء وفتح همزة ان، وصح تعليل جعلناكم بالتعارف، لأن المراد جعلناكم شعوبا وقبائل ليعرف بعضكم بعضا لا للتفاخر، لان أكرمكم عند الله أتقاكم، لا افضلكم نسبا، وكأنه قيل: لم لا نتفاخر بالأنساب؟ فقيل: لأن أكرمكم ولو جاز التفاخر لجاز التفاخر بالتقوى، وقد يجوز ترفعا على المشركين وعلى طريق الشكر لغرض صحيح شرعياً وتبيينا لكون المعتبر التقوى، ويقال: المتقى العالم بالله تعالى المواظب على الوقوف ببابه، المتقرب الى جنابه، وقيلك المتقى مجتنب المناهى الآتى بالأوامر والفضائل، السريع التوبة عما صدر منه اذا صدر، وعلى قراءة ابن عباس لتعرفوا ان بكسر الهمزة يكون المعنى لتعرفوا ما تحتاجون من الصلة والارث وغير ذلك، أو لتعرفوا الحق وهو شرف التقوى، { إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم } وعلى قراءة لتعرفوا أن بالفتح يكون المعنى على التعليل، أو الأمر أن يعرفوا أن الأكرم عند الله الأتقى، فتكون اللام للأمر والمفعول هو المصدر مما بعد.

السابقالتالي
2 3 4