الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً }

{ وينْصُرك الله } أظهر لفظ الجلالة بعد الاضمار، لكون النصر خاتمة العلل، على أن اللام للتعليل، وخاتمة الغايات على أنها ليست للتعليل، بل للعاقبة، ولاظهار كمال اظهار شأنه، كما يدل له اردافه بذكر النصر العزيز، أو أظهر الاسم فى الصدر، وهنا لأن المغفرة تتعلق بالآخرة والنصر بالدنيا، وكأنه قيل: هوالذى يتولى أمرك فى الدنيا والآخرة، أو أظهر الاسم هنا اشارة الى الصدر وقوله عز وجل:وما النصر إلاَّ من عند الله } [الأنفال: 10] والنصر بالصبر، والصبر بالله، قال الله تعالى:ألا بذكر الله تطمئن القلوب } [الرعد: 28].

{ نَصْراً عَزيزاً } العزيز هو المنصور، ووصف النصر بالمنصورية مبالغة، والعز الغلبة، وتجوز فى الاسناد، فان المنصور حقيقة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك كما يقال: كلام صادق، والأصل متكلم صادق، ويجوز تقدير مضاف، أى عزيزا صاحبه، وأما جعله للنسب كلابن، فعلى معنى نصراً فيه عز ومنع، وأما قولك: نصرا ذا عزة فلا يكفى تفسيرا، لأن فيه اضافة النصر الى العزة، فيحتاج الى تفسير كما احتاج عزيراً الى تفسير، أو عزيزاً بمعنى ذو قوة، فكأنه قيل: نَصْر ناصر لك، ولا نسلم أن هذا قليل الفائدة، وأنه غير مناسب، لأن المقام فى شأن المخاطب المنصور، لأنا نقول: الكلام فى نصره، فذلك تقوية لنصره، والواقع فى قلبى، أو لأن معنى عزيزا عظيما شريفا قليل الوجود، وعديم النظير، فلا حذف ولا تأويل، ثم رأيته لمحققين اثنين قبلى من قومنا.

وفى البخارى عن اسلم: سأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شىء ثلاثا لم يجبه، فخشى أن يكون قد نزلت فيه آية، فلحق بأول الركب، فسمع صريخا به فرجع اليه صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم: " لقد أنزلت عليَّ الليلة سورة لهي أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ: { إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً } " زاد الترمذى ان ذلك فى الحديبية فى رجوعه منها.