الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً }

{ وعَدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها } فى أوقاتها المقدرة لها، وهى ما يكون من المغانم الى يوم القيامة، فالخطاب للأمة المؤمنين الحاضرين والغائبين، وغلب الحاضر بالخطاب أو الخطاب للحاضرين، لأنهم ومن بعدهم من المؤمنين كجماعة واحدة، وقال زيد بن أسلم: المغانم الكثير الموعودة مغانم خيبر، وهو رواية عن ابن عباس، والجمهور على ما مرّ أولا من أنها المغانم الى يوم القيامة، ولما خرجوا غنائم خيبر عند فتحها تبايع الناس فيها، وكانت كثيرة. و " جاء رجل فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ربحت اليوم ما لم يربحه أحد من أهل هذا الوادى، فقال: " ويحك ما هو؟ " قال: ثلاثمائة أوقية فقال صلى الله عليه وسلم: " ألا أثبتك بأفضل منها؟ " قال: وما هو يا رسول؟ قال: " ركعتان بعد الصلاة " " { فعجَّل لكُم هَذه } غنائم خيبر، وقيل: غنائم هجر، وقيل: هذه هى البيعة، والتخلص من قريش والأحابيش بالصلح، ذكر بعض أن قوله تعالى: { فعجَّل لكم هذه } أن نزل بعد فتح خيبر كما هو الظاهر، فبعض السورة فى الطريق من الحديبية الى المدينة، وبعضها بعد وصول المدينة، وان كان قبل فتح خيبر فذلك اخبار بالغيب بأن نزل الغائب منزلة الحاضر المشاهد، فقال: " هذه " والمضى لتحقق الوقوع، واختير أنه نزل قبل فتح خيبر أكثر السورة فى الطريق، وظاهر الأخبار أن السورة كلها بين الحديبية والمدينة، فالمعجَّلة البيعة والتخلص من قريش ومن معهم.

{ وكفَّ أيْدي النَّاس عَنْكم } أيدى أهل خيبر وخلفائهم من أسد وغطفان، إذ جاءوا لنصرة أهل خيبر، فقذف فى قلوبهم الرعب، ورجعوا، وذلك قبل سفر الحديبية، وقال مجاهد: أيدى أهل مكة كفها بالصلح وهم أقوى منكم، وأكثر عددا، وفى بلدهم، مع أنكم ما جئتموهم بأهبة القتال، بل للعمرة، وقال ابن جرير: كف أيدى أهل خيبر وسائر اليهود عن المدينة بعد سفر الحديبية، وأيدى سائر اليهود عن المدينة، بعد الذهاب الى غزو خيبر، كما قيل: ان قبائل من أسد وغطفان همت أن تغير على العيال بالمدنية، اذ اشتغل صلى الله عليه وسلم بحصار خيبر.

{ ولتَكُون } أى الكف المعلوم من قوله تعالى: " كف أيدي الناس عنكم " وأنثه لتأنيث الخبر، أو لتكون الكفة وهى مرة من الكف، أو لتكون مغانم خيبر، واللام متعلق بمحذوف تقديره فعل ذلك لتكون، أو يقدر مؤخرا، أى ولتكون آية فعل ذلك، أو متعلق بمحذوف مع علة اخرى، أى فعل ذلك لتنتفعوا، ولتكون، أو كف أيديهم لتنتفعوا، ولتكون، وزعم الكوفيون فى هذه ومثلها أن الواو زائدة، واللام متعلق بما قبله وهو هنا كف، أو عجل وهو مردود، والأصل عدم الزيادة، ولا سيما زيادة حرف غير معتاد فى التأكيد.

السابقالتالي
2