الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً } * { لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً } * { وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَان ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }

{ لَيسَ عَلى الأعْمَى حَرجٌ } ضيق أو اثم فى تخلفه، وذلك نفى للوجوب كما عبر بعلى، وان خرج الأعمى بقائد جاز، كما غزا ابن مكتوم، وكان أعمى، وحضر فى بعض حروب القادسية، وكان يحمل الراية { ولا عَلى الأعْرج حَرجٌ } فى التخلف وان خرج جاز { ولا على المَريض حَرجٌ } فى التخلف، وإن خرج جاز، ومثل المريض المقعد وصاحب السعال الشديد، وصاحب الطحال الكبير، والفقير الذى لا يجد زادا أو سلاحا أو ما لا بد له منه، أو لا يجد من يقوم بالكسب لأهله، ومن لا يجد من يقوم بمريضه ممن لا بد له من قائم عليه، والجواز فى ذلك كله فى رجاء نفع ما بلا القاء نفس فى التهلكة، فقد قال الله عز وجل:ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } [البقرة: 195] ولا تلقوا أنفسكم.

وقدم الأعمى فى العذر لأنه لا يبصر العدو، ولا الى أين يضرب، ولا قدرة له على الحرص بخلاف الأعرج، فله قدرة على الحرص والنظر وغيره، وقدم الأعرج على المريض، لأن المريض قد يتحامل ويشفى. { ومَن يُطِع الله ورسوله } فى الأمر والنهى { ندخِله جنات تجري من تَحتْها الأنهار ومن يتول } عن الاطاعة (نُعذُّبه عذاباً أليماً) لا يدرك قدره غير الله سبحانه وتعالى، والمراد بالمطيع والمتولين هنا ما يعم المخلفين والخارجين من الحديبية وغيرهم، وفيما قبل هذا المتخلفون والخارجون فقط، وقال: " نعذبه " ولم يقل ندخله نارا كما يناسب " ندخله جنات " على طريق الاعتناء بالعذاب، فان التعذيب يستلزم إدخال النار، وإدخال النار لا يستلزم التعذيب فى الجملة، فان الملائكة تدخلها كذا قيل، وفيه أن التعذيب لا يستلزم النار لإمكانه بلا نار، وما هنا مؤكد لما قبله، وذكر المؤمنين الخلَّص يوم الحديبية بقوله:

{ لقَد رضيَ الله عن المؤمنين إذْ يُبايعُونك تَحت الشَّجرة } هم السائرون يوم الحديبية الا جد بن قيس من بنى سلمة، فلم يبايع لنفاقه كما مر، استتر ببطن بعيره، وقال جابر بن عبد الله: كأنى أنظر اليه لاصقا بابط ناقته، مستترا من الناس، وتسمى بيعة الرضوان، لقوله تعالى: { لقد رضي الله }.

ما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديبية، بعث خراش ابن أمية الخزاعى بكسر الخاء، على جمل له صلى الله عليه وسلم، يقول عنه صلى الله عليه وسلم: " إنَّه جاء للعمرة لا للقتال " فعقروا جمله، وأرادوا قتله، فمنعه الأحابيش، فدعا عمر ليبعثه اليهم فقال: يا رسول الله عرفت عدواتهم لى، ولا أحد من بنى عدى يمنعنى، ولكن ابعث عثمان فانه محبوب فيهم، وفيهم عشيرته، فبعثه الى أبى سفيان وأشراف قريش، وقال: " أخبرهم أني لم آت لقتال بل للعمرة وادعهم للإسلام "

السابقالتالي
2 3