الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْبَاطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ }

{ ذلِك } المذكور من الاضلال، وتكفير السيئات، والإصلاح { بأنَّ الَّذين } بسبب أن الذين { كَفَروا اتَّبعُوا الباطل } الضلال، وعن مجاهد هو الشيطان وما يأمر به، وعنه الشيطان، وقيل: ما لا ينتفع به، فهو الضلال، والمباح الذى لم يصرف للآخرة، ولم أر أجهل بطرق الجدال من النصارى، يعيبون القرآن بما هو ظاهر البطلان، راجع عليهم، ولا يستحيون، فهم كناموسة نفخت على جبل عظيم لتزيله بنفختها، وكأحمق بال فى المحيط لينجسه، وككلب عوى على البدر ليحطه من سمائه:
لو نبح البدرَ كلابُ الورى   ما وصل النبح الى البدر
ينكرون المحسوسات والبدهيات، ويدعون وقوع المحالات، وكلما زادوا جدلا زادوا افتضاحا:
لا تبلغ الأعداء من جاهل   ما يبلغ الجاهل من نفسه
ويقاربهم اليهود، الا أن ذلهم دعاهم الى الليل فتستروا به، بخلاف علماء الاسلام وحججهم، فكما قيل:
أعد ذكر نعمان لنا ان ذكره   هو المسك ما كررته يتضوع
وما أرى النصارى مع المسلمين إلا كما روى أن جاهلا جادل عالما فعجز وبصق فى وجه العالم، وقال: ما أضعف حجتك أيها العالم.

{ وأنَّ الذين آمنوا اتبعوا الحقَّ مِن ربِّهم } الهدى، وقال مجاهد: الرسول والشرع { كَذلكَ } مثل ذلك البيان المخصوص { يَضربُ } يبين { الله } تبييناً بديعا كضرب المثل الغريب { للنَّاس } مطلقا أو الفريق المؤمن، والفريق الكافر، واللام للتعليل أو الاستحقاق { أمْثالَهم } أحوال المؤمنين والكافرين الشبيهة بالأمثال فى الغرابة، وهى اتباع المؤمنين الحق وفوزهم، واتباع الكفرة الباطل وخسرانهم، أو المراد بالأمثال تمثيلاتهم، جعل أتباع الباطل مثلا لعمل الكفار، والاضلال مثلا لخسرانهم، واتباع الحق مثلا لعمل المؤمنين، وتكفير السيئات مثلا لفوزهم، وقال الزجاج: يضرب الله أمثال حسنات المؤمنين، وأمثال أعمال الكافرين.