الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ }

{ ومنْهُم من يسْتَمع إليْك } الى متلوك الافراد للفظ من وهم المنافقون كما فى الآية الأخرى، يستمعون بالواو مراعاة للمعنى، كما فى قوله تعالى: { حتى إذا خَرجُوا من عندك } يحضرون فى المدينة مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسمعون كلامه بصورة من يعالج السمع للايمان والعمل، وفى قلوبهم تهاون به { قالُوا للذين أوتوا العِلْم } الصحابة المؤمنين من قلوبهم وألسنتهم المراعين لحقه { ماذا قال آنفاً } زمانا قريبا من وقتنا هذا، بتضمن هذا المعنى فيه صح أنه ظرف، كأنه وصف نعت به زمان، وأصله اسم فاعل تغلبت عليه الاسمية من استأنف بوزن استفعل، أو ائتنف بوزن افتعل بحذف الزوائد همزة الوصل، والتاء والألف بعدها اذ لم يسمع له ثلاثى، وأجاز بعض المحققين كونه من استأنف بدون اعتبار حذف الزوائد شذوذا، ومعنى الاستئناف والائتناف الابتداء، ويقال أخذت أنفه أى مبتدأه أى مقدمه حساً شرفاً، ومن ذلك سميت الأنف فى الوجه، والساعة قبل وقتك متقدمة على وقتك، ومن ذلك النوع ما قيل: انه وصف، وانه حال من ضمير قال، أى مبتدأ لوقتنا، أو مراد المنافقين بهذا السؤال نفاق آخر، إذ سمعوا تلا رعاية ولا ايمان، وتصوروا للصحابة بعد الخروج بصورة طلب العلم، وفى ضمنه استهزاء، وقيل مرادهم طلب فهم ما قال صلى الله عليه وسلم، لكن لا للايمان والعمل، بل كما يطلب الانسان معرفة القصص والأخبار.

ومن الذين أوتوا العلم المذكورين فى الآية: ابن مسعود رضى الله عنه، وابن عباس رضى الله عنهما، سألهم المنافقون: ماذا قال آنفا، وعن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال: ان بعض الصحابة أخبرنى أنك من الذين أوتوا العلم المذكورين فى الآية الذين سئلوا سألوه مع صغر سنة، وخاف أن لا يدخل فى العلماء المذكورين، ولو سئل فأخبر أنه مراد فيهم، فهو من أخبر القرآن بأنه من العلماء.

{ أولئك } المنافقون الموصوفون بما ذكر { الَّذين طَبَع الله على قلُوبهم } أطبق عليها عن الخير، فلا يحصر منهم، والحصر اضافى معتبر فيه من استمع له مراعاة لحقه { واتبعُوا أهْواءهم } لا يتركون منه إلا ما يجدوه وأعرضوا عن الحق البتة، وزدادوا بالسمع ضلالا، ألا ترى أن قولهم: { ماذا قال آنفا } استهزاء ونفاق، ألا ترى أن حضورهم مع الانكار بقولهم نفاق، وكل آية نزلت ولم يؤمنوا فعدم ايمانهم بها نفاق مع مالهم فى ذلك من كلام سوء.