الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا }

{ أفَلَم } الهمزة مما بعد العاطف فهى من جملة المعطوف، أو هى داخلة على جملة معطوف عليها، أى أقعدو فى أرضهم فلم { يسِيروا في الأرض } حتى يصلوا الى أرض الأمم المهلكة، أو أرض بعضهم وأل للجنس صالحة لذلك { فينْظُروا كيفَ كان عاقبة الَّذين من قَبْلهم } من الأمم المهلكة لتكذيبهم، فان خراب ديارهم بلا إجلاء سلطان، ولا قتل أحد، ولا قحط ولا شىء يوجد الاخبار عنه منبىء عن أخبارهم { دمَّر الله عَليْهم } كأنه قيل: ما عاقبتهم؟ فأجاب بقوله: { دمر الله عليهم } أى أهلك ما يختص بهم من النفس والأهل والمال، فهو أعم من دمرهم، أى أهلكهم، وهو متعد جعل مفعوله نسيا منسيا استغنى عنه بعلى، والأصل دمر الله أنفسهم وأهلهم وأموالهم عليهم، وحذفه مبالغة، كأنه قيل أهلكوا من كل وجه ممكن، وعلى معنى الاستعلاء عليهم بكل مضر، أو كأنه قيل شدد عليهم، وغضب عليهم على أنه لا مفعول له.

{ وللكافِرين } من سائر الأمم المهلكين بغير خراب ديارهم { أمْثالها } أمثال عاقبتهم أو عقوبتهم لدلالة ما سبق عليها، كما أهلك فرعون وقومه مع بقاء مصر، وجمع الأمثال للتعدد باعتبار وقائع متعددة بحسب تعدد الأمم المكذبة المعذبة، كل أمة عذبت بعذاب يشبه عذاب من عذبوا وخربت ديارهم، وليس المراد أن كل أمة اجتمع عليها أمثال عذاب هؤلاء الذين خربت ديارهم، إلا أن يقال: العذاب بأيدى من استحقوا به من القتل والأسر أشد عليهم من العذاب بسبب علم من الله عز وجل، ويجوز أن تكون أل للعهد، فهم الكافرون والمذكورون قبل، فالأصل ولهم أمثالها لتصريحه بالكفر الذى هو موجب العقاب، وليس فى سائر كتب الله عز وجل من كثرة تكرير الانذار جدا ما فى كتابه القرآن منها.