الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }

{ قُل } يا محمد لقومك { ما كنْت بدعاً } مبتدعا عاصفة مشبهة كخف بمعنى خفيف، وخل بمعنى خليل، وطب بمعنى طبيب، وهذا أولى من أن يكون مصدرا مقدراً بالوصف أو بمضاف أى ذا بدع، أو ما كان أمرى بدعا أو مبالغة، وعليها يكون من باب قوله تعالى:وما ربك بظلام للعبيد } [فصلت: 46] { مِنَ الرُّسل } نعت لبدعا، أى مبتدعا اخرج عنهم بأن جئت بما لم يجيئوا، بل ما جئت إلا بالتوحيد الذى جاءوا به، وبالدعاء اليه كما دعوا اليه، وباظهار المعجزات كما أظهروها ليس على من المقترحات شىء، كما أنها ليست عليهم إلا ما خص الله به بعضا، وكانوا يقترحون عليه كقولهم:فأتوا بآبائنا } [الدخان: 36] فأمره الله أن يقول لهم ما كنت بدعا من الرسل.

{ وما أدري ما يُفْعل بي ولا بكُم } فى الدنيا والآخرة على التفصيل الكلى، وأما اجمالاً فقد علم أنه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين فى الجنة، والكفرة فى النار، وأن الكل سيموت واما أن يعمل متى يموت أو يموتون، أو كم أنفاسه أو أنفاسهم أو رزقه أو رزقهم، وسائر ما كتب له ولهم، فلا ومن ذلك أن يعلم أنه أيقتل أم لا أو يخرج الى أرض ماء أو نخل رفعت له فى المنام، أم لا وكذا هم، ولا يعلم أنهم مقضى عليهم بالكفر الى أن يموتوا أو بالايمان بعد او يقذفون بالحجارة أو يخسف بهم، ولا يعلم الا ما أخبره الله عز وجل به، مثل: ان ربك أحاط بالناس أى لا يقتلونك، وهو الذى أرسل رسوله بالهدى الخ، وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وقال له أصحابه وقد ضجروا: الى متى نكون هكذا فقال لعلى اخرج الى أرض ذات نخل وأشجار رأيتها فى المنام، وقال الله عز وجل:إنَّا فتحنا لك فتحاً مبيناً * ليغفر لك الله } [الفتح: 1 - 2] الخ فقالوا هنيئاً لك يا رسول الله فما لنا فنزل:وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا } [الأحزاب: 47] وعن ابن عباس: ما يفعل بى ولا بكم فى الآخرة، فالآية قبل نزول قوله تعالى:ليغفر لك الله ما تقدم } [الفتح: 2] الخ وما مات الرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى علم أن الله غفر له، وأنه من أهل الجنة.

وذكر الضحاك أن المراد ما أدرى ما أُومَرُ به، ولا ما تؤمرون به فى التكاليف والشرائع، والجهاد والابتلاء، واختار بعض المحققين أن نفى الدارية من غير جهة الوحى تفصيلية أو اجمالية دنيوية أو أخروية أى لا أدرى الا بالوحى، وأنه ما مات حتى أوتى من العلم بالله تعالى وأفعاله وصفاته، وأشياء يعد العلم بها كما لا ما لم يؤته غيره من العالمين، لما مات عثمان بن مظعون رضى الله عنه، قالت أم العلاء: أشهد أن الله أكرمك طب نفسا أنك فى الجنة فقال صلى الله عليه وسلم مغضباً:

السابقالتالي
2