الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَىٰ بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ }

{ أم يقُولُونَ } أم بمعنى بل الابطالية، وهمزة الانكار وتعجيب من الافتراء على الله، فانه أشنع من قولهم هذا سحر، والسحر قد يرغب فيه بالطبع، بخلاف الكذب على الله، فانه لا يرضى العاقل أن تقول له: كذبت على الله تعالى، ولو كذب مدعيا أنه غير كاذب عليه تعالى { افتراهُ } أى الحق الذى هو الآيات المتلوة، أو افترى القرآن المدلول عليه بما تقام { قُل إنْ افْتَريتُه } على سبيل الفرض الجواب محذوف أى عاجلنى بالعقاب، أو يعاجلنى بالعقاب، دلت عليه علته المعطوفة، وهو قوله: { فلا تملكُونَ لي مِن الله شيئاً } فان الفاء عاطفة على عاجلنى، أو يعاجلنى بالرفع ولو كان جوابا، لجواز رفع الجواب إذا كان الشرط ماضيا، وليس هذا من العلة القائمة مقام الجواب، لأن المضارع المنفى بلا يكون شرطا فلا يقرن بالفاء اذا كان جوابا وأيضا معاجلة الجواب سبب، ولا تملكون مسبب لا عكس، وجعلها فاء الجواب يحوج الى تقدير المبتدأ أى فأنتم لا تملكون، أو قد التحقيقية، أو الى زيادة الفاء والمعنى لا تقدرون على دفع شىء يأتينى من عقاب الله، ومن الله حال من شيئا، وقال بعض المحققين بناء على أن لا تملكون جواب يجوز أن يكون لا يملكون مسببا والمعاجلة سببا.

{ هُو أعْلم بما تُفِيضُون فيه } بالذى تشرعون فيه من الشتم فى الوحى وآياته بقولكم: إنه سحر، وقولكم: انه افتراء، وقولكم أساطير الأولين، والافاضة اسالة الماء، استعير لذلك الشروع استعارة أصلية، واشتق منه تفيض على طريق التبعية، أو استعمل المقيد فى المطلق على المجاز الارسالى التبعى، ويجوز كون ما مصدرية، فلا يعود إليها ضمير، فهاء فيه عائدة للحق بأحد معانيه، أو للقرآن المدلول عليه { كَفَى به } بالله جل جلاله، والهاء فاعل، والباء صلة { شهيداً } لى بالصدق، وعليكم بالكذب حال من الهاء { بيْني وبيْنَكم } متعلق بكفى أو بشهوداً { وهُو الغَفُور } لمن تاب من مشرك أو موحد عاص { الرحيمُ } بالامهال ليتداركوا بالتوبة.