الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَاسِقُونَ }

{ فاصْبر } اذا رسخ ما ذكر من عقاب الكفرة، وقدرة الله فى قلبك يا محمد فاصبر على ما يصيبك من الكفرة من الضر { كَما صَبر أولُوا العَزم من الرُّسل } على ما أصابهم من ضر الكفرة، والعزم الاجتهاد فى الشىء والصبر عليه، ومن للبيان أى وهم الرسل، فالرسل كلهم أو العزم، لأنهم كلهم اجتهدوا فى التبليغ والجد والقوة فى الدين، والصبر على الأذى والمصائب، وقضاء الله تعالى، والجمهور على أن من للتبعيض، فأولو العزم بعضهم، قال الحسن بن الفضل: ثمانية عشر ذكروا فى سورة الأنعام، ذكرهم الله تعالى وقال:فبهداهم اقتده } [الأنعام: 90].

وقيل: نوح صبر على أذى قومه ألف سنة إلا خمسين، وابراهيم ألقى فى النار، واسماعيل صبر على الذبح، ويعقوب على فقد ولده يوسف، ويوسف على البئر والسجن، وأيوب على بلائه، وموسى إذ قال:إنا لمدركون } [الشعراء: 61] وداود بكى على خطيئته أربعين سنة، وعيسى على فقره واعراضه عن الدنيا بالكلية، وقال: انها معبر فاعبروها ولا تعمروها.

وقيل: سبعة: آدم، ونوح، وابراهيم، وموسى، وداود، وسليمان، وعيسى، وقيل: ستة: نوح، وهود، وصالح، وداود، وموسى، وسليمان، وهو رواية عن ابن عباس، وقيل: نوح، وابراهيم، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، وأيوب، وقيل: المذكورون على نسق فى سورة الأعراف والشعراء، لمكاثرتهم على أعداء الله عز وجل، ونوح، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب، وموسى، أمروا بالجهاد وهو قول الكلبى، وعن قتادة: نوح، وهود، وابراهيم، وشعيب، وموسى، وقيل الأنبياء كلهم أولو العزم إلا يونس لعجلته، وقوله تعالى:ولا تكن كصاحب الحوت } [القلم: 48] وقال عبد الرزاق: نوح، وابراهيم، وموسى، وعيسى، قيل: وهو أصح الأقوال، وصحح السيوطى أنهم الأربعة، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعليهم.
أولو العزم نوح والخليل كلاهما   وموسى وعيسى والنبى محمد
وفى لفظ:
أولو العزم نوح والخليل الممجد   وموسى وعيسى والحبيب محمد
لما أمر الله تعالى سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم أن يصبر كما صبر أولو العزم صبر، وكان فى عدادهم، وأولو العزم فى الآية غيره، ثم التحق بهم، وهم المخصوصون بعد تعميم فى قوله تعالى:وإذْ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم } [الأحزاب: 7] وتلك الأقوال كلها على الآية، ويزداد على ما فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وروى البيهقى: أنهم: نوح، وهود، وابراهيم، ورابعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهر حديث: ان الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا " وروى مائتا ألف وأربعة وعشرون ألفا، واعترض اليهود والنصارى على المسلمين فى هذه الكثرة، زعموا أن عددهم لا يجاوز خمسين، ويرد عليه بأنه لا حجر على الله فى تكثيرهم، وله تعالى أن يجعلهم ألوفاً من الملايين، وله أن يجعل ذلك رسلا، فكيف بالأنبياء.

السابقالتالي
2