الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُرْبَاناً آلِهَةَ بَلْ ضَلُّواْ عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤاْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ }

{ فَلولا } تحضيض على النصرة بسبيل الاعجاز { نَصَرهُم } منعهم من الهلاك { الَّذين اتَّخذوا مِن دون الله قُربانا آلهةً } الذين واقع على الأصنام، لأنها عندهم بمنزلة العقلاء، والروابط محذوف، أى اتخذوهم، وهذه الهاء المقدرة عائدة للأصنام، وهى مفعول أول وواو اتخذوا للكفار العابدين لها، وآلهة مفعول ثان وقربانا حال بمعنى متقربا بها، كما قالوا:ما نعبدهم إلاَّ ليقربونا إلى الله زُلفى } [الزمر: 3] وهؤلاء شفعاؤنا عند الله } [يونس: 18] وأولى من ذلك أن يجعل قربانا مفعولا من أجله لسلامته من كون الحال مصدرا مأولا، ويجوز أن يجعل قربانا مفعولا به ثانيا، وآلهة بدلا منه، وفيه تأويل قربانا بمتقربا به، أو يقدر مضاف اولا، أى اتخذوا عبادتهم تقربا، ومن دون الله على هذا حال من آلهة، وانما قلت ذلك لأنه لا يتصور اتخاذهم الله قربانا اليه ولا الى غيره سبحانه وتعالى، بل يتقرب بغيره اليه، واذا علقنا من دون الله باتخذوا أو بمحذوف حالا من قربانا أَوْهَمَ أنه يتصور اتخاذ الله قربانا اليه أو الى غيره فنفى، اللهم الا أن يعتبر جواز التقرب بالله الى الله بمعنى التوسل به اليه، أو بعبادته، فحينئذ يعاب عليهم أنهم تقربوا الى الله بغيره، والواجب أن يتقربوا اليه به.

{ بل ضلوا عنْهُم } ضل عنهم الأصنام الذين عبدوهم، أى غابوا وفيهم تهكم ثان بأنهم لو لم يغيبوا لنصروهم، والأول فى قوله تعالى: " فلولا نصرهم " الخ بأنهم ممن يمكن منهم النصر لكن لا يقرون على رد أمر الله عز وجل، أو ضلوا ضاعوا عنهم إذ كانوا يؤمنون نصرهم فلم يجدوه كمن ضاع منه آلة عمله { وذلك } الضلال منهم { إفْكُهم } إثر كذبهم إذ زعموا أنها آلهة تشفع، ولولا اتخاذها آلهة شافعة لم يفتضحوا بضلالهم عنهم، وبطلانها، بل يجدون الله منجيا، ولا يتكلون عليها، لأنهم أعرضوا عنها، لأنه لا تنفع.

{ وما كانُوا يفْتَرون } ما مصدرية، والعطف على افكهم، أى وأثر كونه يكذبون على الله لا بعث ولا رسالة، أو افكهم صرف الشياطين وأنفسهم لهم عن الحق، باتخاذ لآلهة، وافتراؤهم كذبهم على الله، أو ما اسم أى والذى كانوا يفترون.

روى أنه صلى الله عليه وسلم لما اشتد عليه تكذيب قومه له، عمد الى رؤساء الطائف عبد ياليل، ومسعود، وحبيب اخوة ثلاثة أبوهم عمير، ودعاهم فقال أحدهم: ان كان الله أرسلك، والآخر ما وجد الله من يرسل غيرك، والثالث لا أكلمك ان كنت رسولا من الله تعالى فأنت أعظم من أن أرد عليك، والا فلست أهلا للخطاب، فقال صلى الله عليه وسلم: " اكتموا عليَّ " خوفا من جرأة قريش عليه، فلم يفعلوا، بل صاحوا عليه، وأغروا عليه السفهاء ورجموه حتى التجأ الى شجرة عنب فى حائط شيبة وعتبه ابنى ربيعة، فقال:

السابقالتالي
2 3 4 5