الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـٰتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ }

{ ويَوم } متعلق بقول محذوف عامل قوله: { أذهبتم طيباتكم } الخ أى ويقال لهم: { يوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم } الخ أو نقول لهم: { يوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم } الخ { يُعْرض الذين كَفروا عَلى النَّار } أو هذا أعم، والأصل فى المعروض عليه أن يكون مدركا قابلاً للمعروض المنتقل الى المعروض عليه، أو المتحرك اليه، فيقبله أو يدره، فاما أن تكون نار الآخرة مدركة كالحيوان، أو العاقل كما قيل: أو تنزل منزلة الاقل فتقبل الكفرة فلا حاجة الى ادعاء بعضهم القلب هكذا الأصل تعرض النار على الذين كفروا، ولم يحسن القلب لأنه ضرورى أو شاذ أو لما كان المعروض فى الأصل يتحرك أو يحرك الى المعروض عليه، وهنا لا يتحرك عن موضعه، وهو النار، نزل منزلة المعروض عليه، الذى يبقى فى محله، فيعرض عليه غيره، ومن القلب عرض الناقة على الحوض إلا بهذا الاعتبار، بأن ينزل الحوض منزلة المعروض عيله، اذا لا ينتقل.

وقال ابن السكيت: ان عرضت الحوض على الناقة مقلوب، والأصل عرضت الناقة على الحوض، وهو خلاف المشهور، واختار السيالكوى محشى شرح المواقف: أن كلا من ذلك غير مقلوب، وأن العرض اظهار شىء لشىء.

{ أذهبْتُم طيباتكم في حَياتِكُم الدنيا } باستيفائها، مر حديث البخارى ومسلم أو بعضه، " أن عمر دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاذا هو متكىء على رمال حصير قد أثر فى جنبه، فقلت: أستأنس يا رسول الله، قال: " نعم " فجلست فرفعت رأسى فى البيت، فوالله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر الا أهبة ثلاثة أى جلودا، فقلت: ادع الله أن يوسع على أمتك، فقد وسع على فارس والروم، ولا يعبدون الله، فاستوى جالسا ثم قال: " أفى شك أنت يا ابن الخطب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم فى الحياة الدنيا " فقلت استغفر لى يا رسول الله " ، وفى البخارى: أن عبد الرحمن بن عوف أتى بطعام، وكان صائما فقال: قتل مصعب بن عمير، وهو خير منى، فكفن فى بردة ان غطى رأسه بدت رجلاه، وان غطيت رجلاه بدا رأسه.

قال ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وأراه قال أيضا: قتل حمزة وهو خير منى، ولم يوجد ما يكفن فيه الا بردة، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط، وقد خشيت أن تكون عجلت لنا طيباتنا فى حياتنا الدنيا ثم جعل يبكى حتى ترك الطعام، قال عمر: لو شئت لكنت أطيبكم طعاما، وأحسنكم لباساً، ولكنى استبقى طيباتى، وفى البخارى عن عائشة: ما شبع آل محمد من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم.

السابقالتالي
2 3