الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَٱسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }

{ قُل أرأيتُم إنْ كانَ } ما يوحى الى من القرآن، ولو كان الضمير للرسول صلى الله عليه وسلم لقال: ان كنت وكفرتم بى إلا أن يدعى أنه عبر عن نفسه بالرسول، فرد الضمير اليه، وهو خلاف الظاهر { مِن عنْد الله } لا سحر أو لا مفترى، ولا تعليم بشر، ولا أساطير الأولين كما تزعمون { وكفرتم به } عطف على كان من عند الله كما عطف بثم فى مثله، وهو قوله تعالى: { قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به } وأى داع الى جعله حالا مع صحة العطف بلا ضعف، ومع أن الأصل فى الواو العطف لا الحالية، ومع أن الحال تحتاج الى تقدير قد، أو أنتم قبل كفرتم أو الى المساهلة بعدم التقدير، وذلك أن الفعل ماض متصرف مثبت.

{ وشَهِد شاهِدٌ مِن بني إسرائيل على مثله } مثل ما يوحى الى من القرآن، وان رددنا ضمير كان الى الرسول رددنا اليه الهاء والحق أن الهاء للقرآن، وفخم شاهد بالتنكير، وبوصفه بأنه من بنى اسرائيل العالمين بشأن الوحى، بما أتوه عن التوراة، فاذا شهد على مثل القرآن بما فى القرآن من التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك، كانت شهادته شهادة بالقرآن، وقد قال الله عز وجل:وإنَّه لفي زبر الأولين } [الشعراء: 196]إنَّ هذا لفي الصحف الأولى } [الأعلى: 18] والمثلية تأدية ما فى القرآن بعبارة أخرى، أو بأنه من عند الله، أو على مثل شهادة القرآن لنفسه بأنه من الله، كأنه لإعجازه يشهد لنفسه بأنه من الله عز وجل، وقيل مثل كناية عن القرآن نفسه مبالغة كقولك: مثلك لا يفعل كذا، تريد أنت لا تفعله، واذا رد الضمير الى الرسول فالمثل موسى عليه السلام.

{ فآمَنَ } بالقرآن أى ظهر ايمان ذلك الشاهد به، بسبب شهادته المطابقة للوحى، ويجوز أن تكون الفاء للتفصيل، فايمانه به هو الشاهد له، وكذا ان رددنا الضمير الرسول، فانه اذا شهد بمثله فقد شهد به، فاذا شهد به فقد آمن به، فانه اذا شهد أن صفته صفة النبوة، فقد شهد له بها، أو المثل هو الرسول نفسه صلى الله عليه وسلم { واسْتَكْبرتم } عن الايمان، والعطف على شهد شاهد، أو على آمن، لأن الايمان مقابل الاستكبار عن الايمان، والمجموع معطوف معنى على الشرط.

قال بعض المحققين: مجموع شهد شاهد، وآمن واستكبرتم، معطوف على مجموع كان من عند الله، وكفرتم به، مثل عطف مجموع الظاهر والباطن على مجموع الأول والآخر من المفرد فى قوله تعالى:هو الأول والآخر والظاهر والباطن } [الحديد: 3] قلت: هذا اعراب معنى لا يصح صناعة، والأعراب الصناعة عطف كل واحد علىالأول، الا ان كان العواطف مرتبة، فكل واحد على متلوه، أو اقترن بشيئان متناسبان، فانه يعطف أخيرهما على أولهما، مثل لفظ الظاهر والباطن، ولا يتكرر استكبرتم مع كفرتم، لأأن الاستكبار بعد الشهادة، والكفر قبلها، ولا مفعول لأرأيتم، لأن معناه أخبرونا بالواقع، والجملة مغنية عن جواب ان، وقدر بعض أرأيتم حالكم ان كان من عند الله الخ، فقد ظلمتم، ألستم ظلمتم باحالكم مفعول أول، والثانى ألستم ظلمتم معلق عنه، وقد ظلمتم جواب، وقدر الحسن الجواب: " فمن أضل منكم " لقوله تعالى:

السابقالتالي
2 3