الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ }

{ كذلكَ } الأمر فذلك وهو تأكيد، أو آتيناهم مثل ذلك، ويجوز أن يكون المراد أنه لم يتم الكلام على شأن أهل الجنة، بل أجر على مثل ذلك، وقس عليه، فليس تأكيدا { وزوَّجْناهم بحُورٍ عينٍ } عطف على جملة آتيناهم مثل ذلك المقدرة، أو على يلبسون، ومعنى زوجناهم قرناهم، إذ لا عقد نكاح، بل ازواجهم فى الجنة مملكة لهم كالسرارى، ولا يخفى أنه يجوز إبقاؤه على ظاهره من التزوج الشرعى، كما فسر مجاهد زوجناهم بأنكحناهم، وذاك كما فى الدنيا، إلا أنه بلا عقد ولا ولى، بل هبة من الله، إذ لا كلفة فى الجنة.

وقيل: فيها تكليف بما شاء الله تعالى من أمر ونهى، كتكليف الملائكة بلا مشقة، ولا يخطر ببالهم مما لا يحل كوطء امرأة الغير، ونكاح المحارم، وإن خطر، خطر مع تحريم وعدم اشتهاء، وذكر بعض لا مانع من العقد، والمشهور أنه لا تكليف، ويقال: زوجته بامرأة وزوجته امرأة، وترك الباء أكثر، والحوراء البيضاء عند ابن عباس أو شديدة سواد العين وبياضها، أو سواد العين كلها كما فى الظباء، وعن مجاهد التى يحار فيها الطرف، وفيه أن هذا يائى لا واوى، فانه تحير تحيرا، والعيناء واسعة العين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خلقت الحور العين من الزعفران " رواه الطبرانى، عن أبى أمامة، وعن أنس مثله مرفوعا.

وأخرج عبد الله بن المبارك، عن زيد بن أسلم، أن الله تعالى لم يخلق الحور العين من تراب، إنما خلقهن من مسك وكافور وزعفران، وعنه صلى الله عليه وسلم: " خلق الله تعالى الحور العين من تسبيح الملائكة " والله تعالى قادر على تجسيد الأعراض، فيخلق من تسبيحها كافوراً ومسكاً وزعفرانا نساء، بل الصوت جسم، وقيل: الحور العين نساء الدنيا يزيدهن الله حسنا، والصحيح الأول وهو المشهور، ونساء الدنيا يكن فى الجنة أفضل من الحور العين، ونساء الدنيا حور عين بالمعنى السابق، قيل: للمؤمن زوجة واحدة من نساء الدنيا، وقيل: اثنتان، وقيل: أزواجه كلها ولو فوق أربع بأن يمتن عنه، ويتزوج بعدهن، واناث متن بلا تزوج، وأزواج الأشقياء، ومن تزوجت متعددا فهى لمن ماتت عنه، وهو الأصح أو لأولهم ان لم يطلقها، أو تخير فتختار أحسنهم خلقا معها أقوال، وجاء الحديث: ان آسية ومريم من أزواج النبى صلى الله عليه وسلم ".