الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } * { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ }

{ إنَّا أنْزلناهُ } أى أنزلنا الكتاب الذى أنزلناه وأقسمنا وهو القرآن، والقسم بالشىء على نفسه جائز كقولك: والله ان الله هوالحق { في ليلة مباركة } أكثر الله فيها الخير وأثبته، وهى ليلة القدر عند الجمهور وهو الصحيح، وليلة القدر فى رمضان، وقيل: الليلة المباركة ليلة النصف من شعبان، وتسمى الليلة المباركة، وليلة الرحمة، وعن ابن عباس: إن الله تعالى يقضى الأقضية ليلة النصف من شعبان، ويسلمها الى أرباها ليلة القدر، وتسمى أيضا ليلة الصك، وليلة البراءة، لأن قابض الخراج اذا استوفاه كتب لهم براءات كبراءات الدون المقضية، وبراءة الجانى إذا تخلص، وقولهم: براوات خطأ.

سأل صلى الله عليه وسلم ليلة الثالث عشر من شعبان فأعطى ثلث أمته، وليلة الرابع عشر فأعطى ثلثيها، وليلة الخامس عشر، فأعطى الجميع إلا من شرد على الله شراد البعير، قال على بن أبى طالب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموها وصوموا نهارها فإن الله تعالى ينزل فيه لغروب الشمس إلى السماء الدنيا فيقول: ألا مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه ألا مبتلى فأعافيه ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر " ومعنى نزول الله سبحانه وتعالى نزول ملك يقول عن الله تعالى، روى ذلك الحديث ابن ماجه والبيهقى.

قالت عائشة رضى الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عند شعر غنم طالب " رواه الترمذى، والبيهقى، وابن ماجه، وابن أبى شيبة، ومعنى نزوله نزول رحمته، ومعنى انزال القرآن فى اليلة المذكورة فى الآية انزاله جملة الى البيت المعمور، فى السماء الدنيا، وهو مسامت الكعبة، وكان ينزل به جبريل شيئاً فشيئاً فقيل: كان ابتداء الوحى مناما فى ربيع الأول، وبعد ذلك نزل أول القرآن نزولا، وهو:أقرأ باسم ربك الذي خلق } [العلق: 1] فى يوم الاثنين لسبع عشرة مضت من رمضان، أولسبع منه أو لأربع وعشرين منه، ومضت ثلاث سنين بعد نزول: { اقرأ باسم } فنزليا أيها المدثر } [المدثر: 1] وفضل الأزمنه والأمكنة لذاتها، أو لما يقع فيها من الأعمال، أو يحل فيها، قولان ثالثهما أنه يجوز بعضها لذاته، وبعضها لخارج، ومن ذلك قبره صلى الله عليه وسلم فانه أفضل من الكعبة والعرش والكرسى، لحلوله فيه تعالى الله من الحلول فى العرش أو الكرسى أو غيرهما، أو فى زمان، ويدل على أن الفضل بالذات فى حكم الله تعالى، أن الله سبحانه وتعالى اختار أزمنة وأمكنة للعمل أو الحلول قبل أن يكون العمل أو الحلول، وهو حكيم لا يهمل أمرا ولا يعبث.

السابقالتالي
2