الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ }

{ فَما بَكَت عليْهم السَّماء والأرض } لم يكترث بوجودهم ولا هلاكهم، فذلك استعارة تمثيلية تخييلية، بأن شبه شأنهم وعظمة والمفرض بما وجد وعظم، بحيث يفرح به الموجودات، حتى انها لو فقد لأثر فقده فيها فنفى ذلك بأنه لم تبك عليهم، وإنما بتصور نفى الشىء على تصور حصوله فرضا أو تحقيقا أو استعارة مكنية بأن شبههما بانسان فجعلهما ممن يبكى توسعا، ثم نفى وقوع بكائهما بالفعل، وفى ذلك تخييل،وقيل: لا استعارة فى الآية تمثيلية ولا مكنية ولا تخييلية، لما روى الترمذى وغيره: عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من عبد إلا وله في السماء بابان يصعد منه عمله وباب ينزل منه رزقه فالمؤمن إذا مات فقداه وبكيا عليه، فتلا: فما بكت " الخ، وذكر الله عز وجل أنهم لم يعملوا الصالحات على الأرض فتبكى لفقدهم، ولا يصعد لهم عمل صالح الى السماء فتبكى عليهم.

وعن ابن عباس آن للأرض تبكى على المؤمن أربعين صباحا وقرأ الآية، وعن على: أن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض. ومصعد عمله من السماء وتلا الآية، وبكاء ذلك اما حقيق بخلق الله تعالى وهو قادر، واما حزن بخلق الله تعالى وهو قادر، واما تمثيل، وزعم قوم أن للجمادات شعورا لائقا بحالها، ومنهم الصوفية، ولا يصح عن الحسن وسفيان الثورى وعطاء ما قيل عنهم: ان حمرة السماء بكاء على المؤمن، وقيل: المعنى ما بكت عليهم سكان السماء وهم الملائكة، ولا سكان الأرض المؤمنين وهم المعتبرون، بل هم مسرورون بهلاكهم، وهو مروى عن الحسن، وقيل: بكاء السماء حمرة أطرافها، وعن مجاهد: ما مات مؤمن الا بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحا، فقيل له: أتبكى الأرض؟ فقال مالها لا تبكى، وكان يعمرها بالركوع والسجود، وما للسماء لا تبكى، وكان تسبيحه وتكبيره فيها كدوى النحل، وكا يصعد علمه إليها { وما كانُوا مُنْظَرين } مؤخرين عن الاهلاك إذا جاء أجله.