الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

{ يطاف } الغيبة على طريق الالتفات { عليَهم } فى الجنة بعد دخولها { بصِحافٍ مِن ذهبٍ } مملوءة طعاما بقصاع من ذهب، وقيل الصحفة أعظم من القصعة، يقال على الترقى: الكلية، ثم القصعة، ثم الصحفة، ثم الجفنة { وأكْوابٍ } منه أو من ذهب مملوءة شراباً بدليل الأول جمع كوب بمعنى كوز لا عروة له، قيل: هو دون الإبريق، ويقال: هو مدور الرأس، وجمع جمع القلة، وإناء الطعام جمع الكثرة، لأن أوانى الشرب أقل من أوانى الأكل، فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ أسفل أهل الجنة أجمعين درجة لمن يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم، بيد كل واحد صحفتان واحدة من ذهب، والأخرى من فضة، فى كل واحدة لون ليس فى الأخرى مثله، يأكل من آخرها مثل ما يأكل من أولها، يجد لآخرها من الطيب ما يجد لأولها، ثم يكون ذلك كرشح المسك الأذفر، لا يبولون ولا يتغوَّطون ولا يتمخطون، اخوانا على سرر متقابلين " رواه ابن المبارك، والطبرانى، وعن عكرمة: " أن آخر أهل الجنة دخولاً وهو أدناهم منزلة يفسح له في بصره مسيرة عام في قصور من ذهب، وخيام من لؤلؤ، ليس فيها موضع شبر غير معمور يغدى عليه ويراح بسبعين ألف صحفة، في كل صحفة لون ليس في الأخرى، شهوته في آخراها، كشهوته في أولها، لو نزل عليه أهل الدنيا لوسعهم، ولم ينقص ذلك " أسألك اللهم ذلك لنا.

{ وفيهَا } فى الجنة { ما تَشْتهيه الأنفُس } من فنون الملاذ زيادة على ذلك الذى يطاف عليهم به، وهذا تعميم بعد تخصيص، كما أن قوله تعالى: { وتلذُّ الأعين } تخصيص بعد تعميم، فان ما تلذه الأعين بعض ما يدخل فيما تشتهيه الأنفس، بل لا لذة للعين بلا واسطة النفس، فلو فتحت عين النائم أو السكران لم تدرك شيئا فضلا عن أن تلذه، والعين جاسوس للنفس، وهىالتى أرسلته، ولو غابت عنها لم تعقل شيئا، ولو كان يقظانا صاحيا، ولا تشتهى النفس فيها ما هو خبيث كنكاح ذوات المحارم واللواط، ولا يخطر فى النفس ذلك، ولا ما هو مستحيل كرؤية البارئ، ولا يخطر بالبال فضلا عن أن يشتهى أو يوسوس به، ولا وسواس فى الجنة.

وقد قيل لا أدبار لأهل لاجنة، لأنهم لا يتغوطون، ولا ريح فى البطون لطعام يخرج منه، ولا أقول بذلك وهو نقص مما هو عليه والفرض أنهم يبعثون فهم باقون على ماهم عليه فى الدنيا، إلا أنه لا روث ولا بول ولا ريح فى البطن، وتقدم أنهم يمطرون كواعب أترابا، ولهم ما يشتهون من أكل أو شرب أو لباس او مركب، كفرس أو أنعام كابل، كما قال رجل: يا رسول الله أحب الخيل، قال:

السابقالتالي
2