الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ يَٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } * { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ }

{ وقالُوا يا أيُّه السَّاحر } أى العالم يسمون العالم الماهر ساحراً، لعظم شأن السحر عندهم، أو هو من الفعل المستعمل فى المغالبة، يقال: خصمه أى غلبه فى الخصام، وهو تمرة للمفاعلة يقال: ساحرنى فسحرته أى غلبته فى السحر فأنا ساحره، أى غالبه فيه، فالمعنى الذى غلب السحرة، وذلك كله تعظيم أو هو على ظاهره، يسمونه ساحرا من السحرة، وقيل: ذم منهم له صلى الله عليه وسلم، مريدين أنه ساحر لا نبى، ومع ذلك قالوا: { إننا لمهتدون } لأنه وعد منوى اخلافه، مشروط فيه أو يدعو لهم بكشف الضر، وفيه أن مريد الإخلاف لا يظهره، بل يخفيه خداعا، ولعله قالوا:يا موسى ادع لنا } [الأعراف: 134] الخ كما فى سورة الأعراف، وذكره الله تعالى عنهم بلفظ الساحر، كما هو عندهم على حد ما مر فى قوله تعالى:ليقولن خلقهن العزيز العليم } [الزخرف: 9].

{ ادع لنا ربَّك } ليكشف عنا العذاب { بما عَهِد عنْدك } من اجابة الدعاء، وفعل ما تحب، أو من الايمان والطاعة، أومن النبوة التى عهدتها منه باكرامه تعالى بها، وبأن يعمل بما جاءت به، أو شبهها بالعهد الذى يكتب للولاة، والباء للآلة أو للسببية، ويجوز أن يكون المعنى بالدعاء الذى عهد لك الاجابة به، ويجوز أن تكون للقسم الاستعطافى، أغنى عن جوابها { ادع لنا ربك } أو غير الاستعطاف، فيكون جوابها قوله تعالى: { إنًَّنا لمْهتَدُون } فان الاستعطافى يختص بالانشاء، وعلى غير القسم، يكون قوله تعالى: { إننا } الخ تعليلا أى: ادع لنا ربك بما عهد عندك لأننا نهتدى الى ما تأمرنا به، لكشف الضر بدعائك من الايمان، وارسال بنى اسرائيل، أو مستأنف أى اننا لمهتدون اذا كشفت الضر بالدعاء، وذلك كقوله تعالىلئن كشفتَ عنا الرجز لنؤمنن لك } [الأعراف: 134] ويحتمل أن يكون مستأنفا فى غيبة موسى بلا شرط، أى اننا على الهدى، وليس ما يقول موسى شيئا ودعا موسى فكشف الله عنهم العذاب فلم يؤمنوا، كما قال الله عز وجل:

{ فلمَّا كَشَفنا عنْهُم العَذاب } بدعائه { إذا هُم ينكُثُونَ } فاجأهم النكث أى نقض العهد.