الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ }

{ وجَعَلوا الملائكة الَّذينَ هُم عبادُ الرَّحمن إناثاً } أى قالوا هم إناث، تقول جعلت زيدا عالما، أى قلت: إنه عالم، أو صيروهم فى اعتقادهم اناثا، ولفظ عند عبارة عن رفع منزلة الملائكة على الاستعارة، لأن العندية المكانية مستحيلة على الله سبحانه وتعالى، وهم قوم شأنهم مناقضة وفوا الله تعالى بصفات الخلق، ووصفوا الملائكة الذين من أفضل الخلق بصفة الخسة وهى الأنوثة.

{ أشهِدُوا خَلْقهم } أجعلهم الله شاهدين لخلقه تعالى اياهم، أى حاضرين مشاهدين فتبين لهم أنهم اناث، قال الله عز وجل:أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون } { سَتُكْتبُ شهادتهم } ستكتب الملائكة شهادتهم، أى قولهم ان لله جزءاً، وان الملائكة اناث، وانهم بنات الله سبحانه وتعالى، فان قولهم ذلك شهادة، وقيل: إنهم شهدوا عن آبائهم بذلك، وقلدوهم وقالوا: انهم لا يكذبون، فقال الله عز وجل: { ستكْتَب شهادتهم } لنعاقبهم وآباءهم عليها، والسين للاستقبال على معنى سنجازيهم عليها يوم القيامة، فيكون عطف يسألون عطف متقدم على متأخر، أو هى للتأكيد.

والكَتْب حين الاعتقاد، والقول لا متأخرة الى زمان قولهم ذلك مشافهة للنبى صلى الله عليه وسلم، إذ مضت مدة طويلة من حين قالوا ذلك واعتقدوه، الى أن شافهوا به النبى صلى الله عليه وسلم، أكثر من سبع ساعات، فلا يدخلون فى حديث: " إن ملك الحسنات أمين على ملك السيئات يأمره بتأخير سيئة كتبها سبع ساعات لعله يتوب " وذلك فى شأن المؤمن والمشرك مع أنه يقرب أن يختص بالمؤمن كيف يراعى التأخير للمشرك، ليتوب من معصية، وهو باق على الشرك، إلا أن تكون المعصية غير شرك، وقولهم ذلك شرك، وقد يبحث بأن الشرك لا يؤخر كَتْبه، والعلم لله عز وجل { ويُسْألونَ } عنها يوم القيامة فيفتضحون، فيجازون عليها، أو يسألون عبارة عن يجاوزون.